العالم يتقدم


العالم يتقدم

(أثر الدفيئة)... يصيب كوكبنا بالحمى!

لاحظ العلماء ظاهرة طبيعية مثيرة, أطلقوا عليها (أثر الدفيئة), وبعد دراستها, دقّوا ناقوس الخطر, وحذّروا من النتائج البالغة الضرر, التي يمكن أن تحدث لكوكبنا, إذ قد تصيبه بالحمى!

فما هو (أثر الدفيئة)? إنه ارتفاع في درجة حرارة الأرض, يرجع إلى وجود غازات معينة في الغلاف الجوي (على سبيل المثال: بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان), تقوم بحجز الطاقة القادمة من الشمس وعدم السماح لها بالعودة إلى الفضاء الخارجي. ويطلق على هذه الغازات (غازات الدفيئة), لأنها تسبب حدوث هذه الظاهرة.

و(الدفيئة) - والكلمة مشتقة من (الدفء) - هي بيت زجاجي تزرع داخله بعض النباتات لحمايتها من البرودة الخارجية خاصة في فصل الشتاء, وذلك بالاحتفاظ بدرجة حرارة معينة عن طريق حجز طاقة الشمس وعدم تمكينها من الخروج من البيت الزجاجي.

ويسمح البيت الزجاجي بدخول أشعة الشمس, ولكنه يمنع الحرارة من الهروب إلى الخارج, وهذا ما تفعله أيضًا غازات الدفيئة في جو كوكب الأرض. إذ أن أشعة الشمس تدخل إلى الغلاف الجوي, وتمر خلال طبقات غازات الدفيئة, ثم تهبط إلى سطح كوكب الأرض في شكل طاقة, وعندما تصطدم باليابسة والماء, يتم امتصاص جزء منها, أما الباقي, فإنه يرتد إلى أعلى محاولاً الهروب إلى الفضاء الخارجي. ويتمكن جزء من هذه الطاقة من الانطلاق إلى أعلى, ويبقى الجزء الآخر محتجزًا - بسبب غازات الدفيئة - ولا يتمكن من الفرار, إذ أن غازات الدفيئة, تعمل مثل (دروع) تقوم بعكسها ثانية إلى الأرض.

ولكن ما هو تأثير الارتفاع في معدلات درجة الحرارة علينا?

يتوقع العلماء أنه خلال العشرين سنة القادمة, يمكن أن ترتفع درجة حرارة الأرض إلى نحو أربع درجات مئوية, مما يؤدي إلى عواقب وخيمة. إذ قد تتحول المناطق شبه الصحراوية إلى صحارى قاحلة بعد أن تصاب بالجفاف, وهو ما يطلق عليه (التصحّر), أي التحول إلى صحراء, كما قد تغرق بعض المدن خاصة الساحلية منها, نتيجة لذوبان جبال الثلوج في المناطق القطبية الشمالية والجنوبية. وانسياب مياهها إلى المحيطات, وكذلك لارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات لزيادة حجمها نتيجة لارتفاع درجة الحرارة, بالإضافة إلى تغير (الطقس) و(المناخ) في معظم أنحاء العالم.

ويقصد بالطقس جو يوم بالذات في مكان بعيد, ويمكن أن يتغير من ساعة إلى أخرى, تبعًا لتغير كتلة الهواء - أي جزء من الهواء تتشابه صفاته الطبيعية - السائدة, سواء كانت باردة أو ساخنة, أو إحلال كتلة أخرى محلها, تبعًا لدورة الرياح المحلية.

أما المناخ, فإنه المجموع الكلي لعناصر الطقس خلال فترة طويلة. وتشمل هذه العناصر: درجة الحرارة ودرجة الرطوبة واتجاه الرياح وسرعتها وكميات الأمطار والسحب العابرة وغيرها. وذلك في مكان معين أو إقليم بالذات. ويعني تغير المناخ, اختلاف طول فصلي الشتاء والصيف, ويؤدي هذا إلى تغير إنتاج المحاصيل الزراعية.

كما أن ارتفاع درجة حرارة الأرض نتيجة لظاهرة (أثر الدفيئة), سوف يؤدي إلى ازدياد البخر من مياه البحار والمحيطات, مما ينتج عنه اختلاف في مناطق سقوط الأمطار في العالم, ومن ثم تغير واختلال في التوزيع الجغرافي للمحاصيل الزراعية.

وقد تتساءل: ما الذي أحدث ظاهرة (تأثير الدفيئة)?

إن السبب الواضح لوجود (غلالة) ثاني أكسيد الكربون, هو تزايد حرق الوقود في المصانع نتيجة التوسع في العمليات الصناعية, وكذلك ضخ كميات جبارة من الغازات من عوادم السيارات, التي ازداد عددها بشكل هائل في كل أنحاء العالم, بالإضافة إلى حرق الغابات في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية لإزالتها واستبدالها بأراض زراعية, وتكمن خطورة حرائق الغابات, في أنها تظل مشتعلة لمدة طويلة قد تصل إلى شهور عدة, قبل أن تسبب الأمطار إطفاءها, ومن ثم فإنها تدفع بآلاف الأطنان من ثاني أكسيد الكربون - الناتج من هذه الحرائق الجبارة - إلى الغلاف الجوي, مما يحدث ظاهرة (أثر الدفيئة).

وهناك أيضًا (غاز الميثان) - الذي يطلق عليه (غاز المناجم) - الذي يتسرب من حقول النفط والغاز الطبيعي, وعمليات استخراج الفحم أو تصنيعه. كما تقوم البكتيريا بتوليد غاز الميثان, عند تفاعلها مع بعض المواد العضوية كالأسمدة, التي يلجأ إلى استخدامها الفلاحون في كثير من الدول, لإكساب التربة قدرًا كبيرًا من الخصوبة. ويسبب غاز الميثان أيضًا - عندما يتصاعد بكميات كبيرة إلى الغلاف الجوي - ظاهرة (أثر الدفيئة).

ولكن ماذا نفعل لكي نخفف من ظاهرة (أثر الدفيئة) ونتائجها الضارة?

لقد عقدت مؤتمرات عدة, أبرمت فيها الاتفاقات للحفاظ على البيئة العالمية من (أثر الدفيئة). وتركزت كل التوصيات حول استخدام الوقود الذي لا ينتج عنه غاز ثاني أكسيد الكربون, وكذلك التوقف عن حرق الغابات, وإيجاد الوسائل التي تخفض من كميات غاز الميثان المتصاعدة مثل الحد من استخدام الأسمدة العضوية.

 


 

رءوف وصفي