مشاهير كتبوا للأطفال

مشاهير كتبوا للأطفال

عبدالله بن المقفع

ولد عبد الله بن المقفع مع بداية القرن الثاني للهجرة من أب مجوسي فارسي سماه (روزبة) لكنه اعتنق الإسلام على يد عيسى بن علي في أول عهد العباسيين. وكان أبوه يعمل للحجاج الذين كانوا بإمرة الوليد بن عبد الملك, ويقال سمي بابن المقفع لانه ولي خراج فارس للحجاج, ومد يده لأموال الناس فضربه الحجاج فتقفعت يده أي تشنجت.

كان عبد الله ذا علم وثقافة جمع فيهما ما بين أصله الفارسي وثقافته العربية, وكان من كبار كتاب العباسيين, حيث أجاد الكتابة السياسية ما جعله من كبار كتاب الأمراء وكان صاحب أسلوب في الكتابة سمي بـ (السهل الممتنع).

ولتمكنه من اللغة الفارسية عمل على ترجمة كتب المنطق والفلسفة وبعض الأعمال الأدبية إلى العربية, ومنها كتاب (كليلة ودمنة) الذي كان قد تُرجم عن الهندية, وقد ألفه بعض فلاسفة الهند في سياسة المُلك ومحاسن الأخلاق.

وقد أثّر هذا الكتاب كثيراً في أسلوب ابن المقفع فأخذ على محاكاته واحتذاء مثاله, فيما أنتجه, فيما بعد, من أعمال وقصص.

تُحدثنا الكتب عن ابن المقفع أنه كان من أرضى الناس أخلاقاً كما أنه كان حريصا على الوفاء إذ إنه أخفى في بيته سنة كاملة عبد الحميد الكاتب الذي كان مطلوباً من السلطان, فلما أتاه رجال الشرطة وسألوه من منكما عبد الحميد?

فقال كل منهما: أنا هو.

كما أنه كان على شيء من خفة الظل, فكان كثير المداعبة مع سفيان بن معاوية ولكبر أنف سفيان كان إذا دخل عليه يقول: (السلام عليكما), يعني بذلك سفيان وأنفه.

صدر لابن المقفع كتابان هما: (الأدب الصغير) و(الأدب الكبير), ثم إنه بعد ترجمته لـ (كليلة ودمنة) نهج على منواله الكثير من القصص التي تلائم هوى الأطفاء ورغباتهم وهاكم اثنتين منها:

السلحفاة والبطتان

زعموا أن نبعاً كان يعيش بجواره سلحفاة وبطتان, وقد ألف بعضها بعضاً وصادقه.

ثم إن النبع جف ماءه فرأت البطتان أن ترحلا وتطيرا إلى جوار نبع آخر.

فودعتا السلحفاة وقالتا لها: عليك السلام فإنا ذاهبتان.

فأجابت السلحفاة: بل إن جفاف النبع يضر بي أيضاً, فلماذا لا تبتكران وسيلة تمكناني بها من الرحيل معكما, وقد ألفنا العيش سواسية ردحاً من الزمن?

فكرت البطتان وقالتا: إننا نشترط عليك إن حملناك أن تبقي صامتة إن ذكرك أحد أو تكلم معك.

فوافقت السلحفاة وقالت: لكن كيف السبيل إلى ذلك?

قالت البطتان: تعضين على وسط عود وتأخذ كل واحدة منا بطرفه.

فرضيت السلحفاة بذلك وطارا بها, فرآها جمع من الناس وقالوا: انظروا إلى العجب, سلحفاة بين بطتين تطيران بها في الهواء.

فلما سمعت ذلك قالت السلحفاة: رغم لأنفكم.

لكنها لما فتحت فمها ونطقت, تخلت عن العود فهوت إلى الأرض وماتت.

جرة السمن والعسل

روي أن رجلاً كان يفيض معه بعض من السمن والعسل فيفرغه في جرة يعلقها في بيته.

وبينما هو مستلق والجرة معلقة فوق رأسه تذكر غلاء السمن والعسل, فقال لنفسه: أبيع هذه الجرة بدينار, واشتري به عشر عنزات, ثم يحملن ويلدن بعد ستة أشهر, ثم تكون النتيجة لخمس سنوات ما يقارب الأربعمائة من العنز.

ثم أبيعها فأشتري بأثمانها مائة بقرة وبعضاً من الثيران والكثير من البذار. أزرعها بحرث وجهد الثيران, فلا يأتي علي خمس سنوات أخر إلا وقد أصبت منها ومن الزرع مالا كثيرا, فابني بيتاً فاخراً وأشتري عبيداً وإماءً ورياشا ومتاعاً.

فإذا فرغت من ذلك تزوجت امرأة جميلة ذات حسب ثم تلد لي ابناً سوياً وأؤدبه أدباً حسناً, واشتد عليه في الأدب, فإن لم يقبل الأدب مني ضربته بهذه العصا هكذا.

ورفع العصا يشير بها, فأصابت الجرة فانكسرت, وانصب السمن والعسل على رأسه ولحيته.

 


 

نبيل أبو حمد