العالم يتقدم

العالم يتقدم

الكتاب الإلكتروني... مكتبة في راحة يدك!

هل تتصوّر أنه يمكنك وضع مئات الكتب في راحة يدك? يبدو الأمر مستحيلاً? ولكن التقدم العلمي جعل هذا ممكنًا, بوساطة اختراع حديث هو الكتاب الإلكتروني. ويحتوي الكتاب الإلكتروني على مئات الكتب, التي يمكنك قراءة كل كلمة فيها, ومشاهدة صورها, بالإضافة إلى الأصوات وأفلام الفيديو والرسوم المتحركة المصاحبة لأحداث الكتب, وهو ما يُطلق عليه (النص الفائق).

إن جوهر الكتاب الإلكتروني قرص بصري مدمج (سي دي), وهو عبارة عن اسطوانة مسطحة مستديرة, مصنوعة من البلاستيك المقوّى, ومغطاة بطبقة رقيقة معدنية عاكسة للضوء. ويمكن لهذا القرص تخزين نصوص الكتب كما يفعل قرص تسجيل الموسيقى والأغاني والأفلام. ويتم التسجيل عليه بوساطة شفرة رقمية - ومن ثم يطلق عليه أحيانًا (القرص الرقمي) - التي تمثَّل على القرص على شكل ملايين (الحُفَر) بالغة الضآلة. وعندما يدور القرص البصري المدمج, تسلّط عليه أشعة الليزر, التي تتبع مسار الحفر. وينعكس ضوء أشعة الليزر من الحفر, فتلتقطها وحدة تقوم بتحويل الضوء المنعكس إلى نبضات كهربائية, تتطابق تمامًا مع الشفرة الرقمية التي سبق تسجيلها على القرص, ثم يتم تحويل النبضات الكهربائية إلى معلومات, أي نصوص الكتب.

وهذا القرص البصري المدمج لذاكرة القراءة فقط, أي بعد أن يتم تسجيل المعلومات فوقه, لن يمكن تغييرها. وإن كانت هناك محاولات لكي يمكن التسجيل على القرص لمرات عدة. وقد أطلق على هذا القرص (بصري) لأن شعاع الليزر يستخدم في عرض المعلومات المسجلة عليه.

وكما أحدثت هذه الأقراص ثورة في صناعة الموسيقى والأغاني, فالمعتقد أنها ستحدث ثورة جديدة في مجال نصوص الكتب. إن إمكانات وسعات الأقراص البصرية المدمجة, تثير الدهشة والإعجاب. إذ أن القرص الواحد - الذي لا تزيد أبعاده على تسعة سنتيمترات - يمكنه تخزين 000ر100 صفحة من الكتب و000ر32 صورة وخمس ساعات ونصف من الأصوات والصور المتحركة أو كلها معًا.

ويتكون الكتاب الإلكتروني - الذي يمكنك أن تمسك به في راحة يدك - من شاشة مساحتها ستة سنتيمترات مربعة ولوحة مفاتيح صغيرة, وفتحة ضيقة لوضع الأقراص البصرية المدمجة المسجل عليها نصوص الكتب. وتباع هذه الأقراص في المتاجر المتخصصة لبيع الإلكترونيات, وأحيانًا توجد في المكتبات الكبيرة, وفي اليابان تم بيع أكثر من مليون منها بالإضافة إلى نحو 000ر300 كتاب إلكتروني.

ويتفوق الكتاب الإلكتروني على الكتاب العادي, في إمكان البحث السريع عن فقرة أو حتى كلمة أو صورة في نص معين. وبالطبع هذا لا يتوافر في الكتاب العادي, إذ يجب أن تقلّب صفحاته بنفسك حتى تجد ما تبحث عنه, مما يستغرق وقتًا وجهدًا.

وهناك تماثل بين الكتاب الإلكتروني وكمبيوترك الشخصي, فإذا أردت مثلا أن تجمع معلومات عن التماسيح, فيمكنك أن تقرأ معلومات دقيقة عنها على شاشة كتابك الإلكتروني, كما تستطيع مشاهدة أنواعها المتعددة التي تعيش في بلاد العالم المختلفة, من خلال فيلم فيديو, حيث تراقب سلوكها واقتناصها للفرائس وأساليب سباحتها في الأنهار والبيئة التي تحيط بها.

ويجب أن تتوافر في الكتاب الإلكتروني خفة الوزن حتى تستطيع أن تحمله في يدك دون عناء. كما يُفضل أن يستمد طاقته من بطاريات صغيرة, حتى يمكنك أن تتحرّك به في أي مكان, في النادي أو على شاطئ البحر, لتستمتع بالحصول على المعلومات الفريدة, حيث تتوافر الكلمة والصورة والفيلم والرسوم المتحركة.

وتصنع شاشة الكتاب الإلكتروني من (البلورات السائلة), وهي مادة شفافة تمثل حالاً متوسطة بين البلورات الصلبة والسائل العادي, ولها خصائص بصرية فريدة. وتتميز البلورات السائلة بأن ما يُعرض عليها يكون واضحًا للغاية, سواء كانت كلماتٍ أو صورًا أو أفلامًا, كما أنها لا تتأثر بالضوء الذي إذا سقط على الشاشة العادية, جعل الكلمات والصور باهتة.

ولكن هل يعني هذا نهاية عصر الكتب التي اعتدنا عليها? من الصعب أن نجيب عن هذا السؤال في الوقت الحاضر. فمازالت الكتب الإلكترونية والأقراص البصرية الخاصة بها, مرتفعة الثمن, كما لم تتوافر حتى الآن خفة الوزن ومصدر الطاقة المناسب. ولكن هناك تجارب عدة وابتكارات متنوعة, ليصير الكتاب الإلكتروني هو الوسيلة المستقبلية, ولكي يصبح البحث عن المعلومات أكثر متعة وأكبر فائدة, لأننا نعيش في عصر المعلومات.

 


 

رؤوف وصفي