العالم يتقدم

العالم يتقدم
        

الانفجار النجمي.. كارثة فلكية

          ترتبط الانفجارات النجمية بالغبار الكوني، فما هو الغبار الكوني؟ إنه عبارة عن حبيبات دقيقة جدًا توجد بين النجوم، وهي ليست كروية وإنما تكون أقرب لأن تأخذ أشكالاً بللورية إبرية. وتنمو حبيبات الغبار الكوني، خلال نحو مائة مليون عام، حتى تصل إلى حجم يساوي «ميكرون» (أي 0.0004 سنتيمتر)، ومن ثم يمكن رصدها. كما أنها قد تختفي نتيجة للتصادم بين سحابتين من المواد الموجودة بين النجوم، أو إذا وجدت بالقرب من نجم ساخن، حيث يدمرها ضغط إشعاعه الشديد.

          ويؤدي الغبار الكوني إلى حجب ضوء النجوم البعيدة، مما يجعلها تبدو أخف مما هي عليه في الواقع، كما أن هذا الغبار قد يكون «المادة الخام» لتكوين بعض الأجسام الفضائية، وينشأ هذا الغبار الكوني بكميات هائلة نتيجة الانفجارات النجمية.

          ولكن أثارت الأرصاد الحديثة للانفجارات النجمية دهشة علماء الفلك، إذ عندما رصدوا آثار انفجار نجمي في مجرة «ماجلان الصغرى»  التي تبعد عنا بنحو 200.000 سنة ضوئية ( لاحظوا النقص الغريب فيه للغبار الكوني). والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة كاملة، مع العلم بأن سرعته 300.000 كيلومتر في الثانية الواحدة!

          وتتنبأ النظريات الحالية بشأن الانفجارات النجمية الهائلة، بأن الغبار المصاحب لها يجب أن يكون مائة مرة قدر الغبار الذي اكتشفه الفلكيون بالفعل في مجرة «ماجلان الصغرى»، ومن الممكن أن تكون الموجات الهائلة الناتجة عن الانفجار، قد منعت تكوّن  الغبار الكوني أو أن أجهزة الرصد لم تتمكن من رؤيتها.

          ولدراسة هذه الظاهرة الغريبة، أخذ علماء الفلك صورًا لأجزاء مختلفة من مجرة «ماجلان الصغرى» ولاحظوا وجود فقّاعة كرويّة حمراء جبارة، اتضح لهم فيما بعد أنها أثر باق لانفجار نجمي هائل، كان حجمه نحو عشرين مرة قدر حجم الشمس، ومازالت «أشلاؤه» تتمدد حتى الآن بمعدل يبلغ حوالي ألف كيلومتر في الثانية الواحدة!

          وبتحليل التركيب الكيميائي لحبيبات الغبار المتكونة من هذا الانفجار، توصل العلماء إلى أنها كانت أكثر «برودة» مما كان متوقعًا، ومن ثم لم يمكن رصدها إلا حديثًا بالكاميرات فائقة الحساسية في التلسكوبات الفضائية.

          وهذا الاكتشاف بالغ الأهمية، لأنه يوضح أخيرًا أن الانفجارات النجمية الهائلة التي تحدث كوارث فلكية للنجوم شاركت بشكل أساسي في تكوين الغبار الكوني.

          وحبيبات هذا الغبار في الفضاء، هي وحدات بناء بعض الأجسام الفضائية ومنها المجرات والنجوم والكواكب،إذن، فإن دراسة الغبار الكوني بواسطة أجهزة الرصد الحديثة في التلسكوبات الفضائية التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء (أشعة غير مرئية يستدل عليها عادة بتأثيراتها الحرارية) سوف تجعلنا قادرين على التعرف على أدق أسرار الكون، والتي بقيت غامضة حتى الوقت الحاضر.

 


 

رؤوف وصفي