حوار الشجرة والغراب

حوار الشجرة والغراب

رسوم: ماهر عبد القادر

حطّ غرابٌ على غصنِ شجرةِ برتقالٍ، وبدأ في جمعِ القشِّ لبناءِ عشِّهِ.

أرادت الشجرةُ أن تداعبهُ فقالت له: لا تبن عشّكَ في أغصاني، أنا لا أحبُّ لونَك، ولا أحبُّ صوتَك. قال لها الغرابُ: الزمي حدّكِ، وتذكري أنني طائرٌ وأنت شجرةٌ.

قالت الشجرةُ: وما الفرق؟

قال الغرابُ: عندي أنا جناحان أطيرُ بهما في السماءِ، أما أنتِ فقدماكِ مغروستانِ في الأرضِ، وأبحثُ أنا عن طعامي في الأرضِ الواسعةِ، أما أنتِ فستأكلين ما تجدينهُ تحت أقدامكِ.

وأطيرُ أنا فأحمي نفسي من أعدائي، أما أنتِ فماذا يمكنك أن تفعلي إذا قطعتُ الآنَ برتقالةً ومزقتها بمنقاري؟

قالت الشجرةُ: أتحداكَ أن تفعل.

غضب الغرابُ من كلماتِ الشجرةِ، فاندفعَ نحوها واختارَ أجملَ وأكبرَ برتقالة وهجمَ عليها بمنقارِهِ، وطارَ بها بعيدًا ثم هبط على الأرضِ وراحَ يمزقّها ويمتصُ عصارتَها ويلفظ بذورها.

عادَ الغرابُ إلى الشجرةِ وقال لها: أرأيتِ لقد قبلتُ التحدي.

ضحكت الشجرةُ وقالت لهُ: ألا تعرفُ أيها المغرورُ أني أزينُ برتقالاتي بالنضارةِ والنعومةِ واللونِ الجميلِ والرائحةِ الزكيةِ، وأرضعها الطعمَ اللذيذَ كي تجذبك أنتَ وأمثالَكَ من الطيورِ ذوي المناقيرِ القادرةِ على تمزيقِ القشرةِ، وذوي الأجنحةِ القويةِ التي تطيرُ بها وترمي بذورَها في أرضٍ بعيدةٍ، وهناك يفيضُ النهرُ أو ينزلُ المطرُ وحينئذٍ تنمو البذورُ مرةً أخرى، وتصيرُ كلٌ منها شجرة برتقالٍ؟!

 

 

 


 

محمود عبد الوهاب