السماء لا تمطر خبزًا!!

السماء لا تمطر خبزًا!!

رسوم: صلاح بيصار

كعادته كل يوم, يودع زوجته. يخرج إلى الطريق, يقترب من النهر, ينظر إلى السماء متمنيًا أن يمن الله بالرزق الوفير.

إنه عم إسماعيل الصياد, هاهو قد جهّز أدوات الصيد, فألقى بصنارته في الماء, انتظر ساعات, لم تغمز صنارته, لسعته الشمس, وبدأ يتثاءب, وخيّل إليه أن النوم غلبه, ورأى ما يشبه الأمواج تتحرّك إلى الشاطئ ومعها كميات كثيرة من الأسماك, فرك عينيه, تأمل ما يراه, إنه في حال تيقّظ, فهاهو يعاين الأسماك لأنه ظن أنها أسماك نافقة. الأسماك تتحرك, حاول التأكد من سلامتها, وجدها صالحة, ملأ سلته عن آخرها وأسرع إلى السوق, وعندما باعها, عاد مرة أخرى إلى النهر, شاهد ما رآه من قبل, فالأمواج لاتزال تلقي بالأسماك على الشاطئ, فكرر ما فعله سابقًا وأسرع إلى السوق, وفي آخر النهار ملأ سلته وعاد إلى منزله, أطعم أسرته وما تبقى وزعه على أقرب جيرانه مجانًا.

(إذن ما جدوى صنارتي أو أي أدوات للصيد!!) هكذا تساءل عم اسماعيل الصياد, ولأنه لم يجد إجابة, تخلص من أدوات الصيد بإلقائها في النهر, هدية منه له, فموج النهر أصبح يقوم بالصيد بدلا منه.

مرّت أربعة أسابيع على هذا الحال. نسي عمّ إسماعيل الصياد مهنته, وفقد صبره الذي كان يتميّز به كصياد, وأصبح لا يحب العمل, أو التعب في الحصول على رزقه, واستسهل أن يجده في كميات السمك التي يلفظها الموج على الشاطئ.

في الأسبوع الخامس, ذهب إلى النهر كعادته, لكنه لم يجد سمكًا, وجد النهر ساكنًا, انتظر أن تهب عاصفة أو نسمة هواء تحرك الموج, فيعود مثل السابق محملاً بالأسماك.

تلفت حوله كالمجنون, جرى على الشاطئ في كل اتجاه, وقضى نهاره في انتظار الأسماك التي تعود الحصول عليها دون تعب, ثم عاد إلى منزله حزينًا, بائسًا, وتكرر ما حدث في اليوم التالي, واليوم الثالث, ومرت الأيام, والحال كما هو. هبطت عزيمته. فقد حماسه. أحسّ بالتعب, فجلس على الشاطئ ينعى حظه, مرّ عليه أحد الرجال, رأى مسحة من النور تضيء وجهه, وابتسامة مطمئنة على شفتيه, فتشجع سائلاً:

- أبحث عن حل لمشكلتي يا سيدي!

توقف الرجل. نظر متأملاً عم إسماعيل الصياد, وقال:

- علاجك في العمل يا رجل!

ردّ الصياد مستفسرًا:

- معذرة. لم أفهم إجابتك!

قال الرجل وهو يمشي مبتعدًا:

- السماء لا تمطر خبزًا... والنهر لا يلقي بأسماكه على الشاطئ للكسالى الذين لا يعملون!!

 


 

مجدي نجيب