الأرنب الأبيض

الأرنب الأبيض

رسوم : صفاء نبعة

بدأ الراوي الشيخ يحكي لأحفاده الصغار القصة الجديدة, التي وعدهم بها, فقال:

كان يا ما كان, كان في ذات يوم من الأيام في زمان ليس ببعيد عن زماننا هذا. كان هناك معلم يدرس الفن والرسم في إحدى المدارس الابتدائية.

وكان هذا المعلم الفنان كثيرًا ما يجعل حصة الفن والرسم في بعض الأيام (حصة حرة للفن والرسم), يرسم فيها الأطفال ما يشاءون, وما يبدو لهم رسمه من الأشياء والكائنات الحية.

وخطر ببال هذا المعلم الفنان في يوم من الأيام أن يجعل حصة الفن والرسم الحرة في ذلك اليوم التي يرسم فيها الأطفال ما يشاءون, وما يبدو لهم رسمه من الأشياء والكائنات الحية, مقصورة على جعل الحرية في الرسم والإبداع الفني بموضوع محدد هو: (أن يرسم كل طفل من الأطفال الحيوان والكائن الحي الذي يحبه أكثر من أي حيوان, أو كائن آخر في الوجود).

وبعد مرور فترة كافية من الوقت للرسم والإبداع, بدأ المعلم الفنان يتجول بين طلاب الصف ليرى ماذا رسم كل واحد من التلاميذ, فوجد أحدهم قد رسم سمكة. ووجد آخر قد رسم قطة, ووجد ثالثًا قد رسم حصانًا, ورأى رابعًا قد رسم جملاً, ووجد خامسًا قد أبدع رسم غزال, ثم واصل تجواله على تلاميذه ليرى الحيوانات المحببة إليهم التي رسموها, ولكنه فوجئ بطفل من الأذكياء: اسمه: محمد, وقد أكمل رسم الحيوان الذي يحبه, ويبدو عليه الفرح والسرور.

وهنا سأل المعلم التلميذ قائلاً: ما لي أراك فرحًا مسرورًا ضاحكًا?

فقال التلميذ للمعلم: وما لي لا أفرح وأسر وأضحك كثيرًا, يا معلمي العزيز, فقد رسمت الحيوان الذي أحبّه كثيرًا.

وهنا قال المعلم للتلميذ الذكي محمد: افتح دفتر رسمك, وأرني ماذا رسمت يا بني?

وفتح التلميذ الذكي محمد دفتر رسمه, ولكن المعلم لم يجد أيّ شيء مرسوم في الدفتر.

وسأل المعلم التلميذ قائلاً: وأين الحيوان الذي تقول إنك قد رسمته, وما اسمه?

فقال التلميذ للمعلم على الفور: لقد رسمت الأرنب الأبيض.

وهنا سأل المعلم التلميذ قائلاً: ولكن أين هو الأرنب الأبيض, الذي تقول إنك قد رسمته?

فقال التلميذ للمعلم: وكيف يا سيدي المعلم تريد أن ترى الأرنب الأبيض, وهو الأبيض والمرسوم على الورق الأبيض, خاصة أنني قد نسيت أن أقول لك يا سيدي المعلم, أنني بعد أن أتممت رسمه رأيته يقفز من بين يديّ منطلقًا فجأة مسرعًا في طريقه إلى النبع ليشربَ ماء زلالاً صافيًا, ليروي عطشه. وهو ينعم الآن بالنورِ والضياءِ, وبالأجواءِ النديةِ قربَ النبعِ, ويستحمُ بضوءِ الشمسِ المشرقةِ.

وطارَ الطيرُ وأسعدَ الله مساءكم بالخير.

 


 

عيسى حسن الجراجرة