مدينة الروائح

مدينة الروائح

رسوم: أحمد البغلي

اجتمع الأصدقاءُ أحمد وسميرة وسعاد ليفكروا في مشكلةِ التلوثِ الذي تعاني منه مدينتُهم ولكثرة الروائح المختلفة التي تصدر عنها سميت (مدينةُ الروائحِ). اعترف الأصدقاء بأنهم لن يستطيعوا الحدَّ من التلوثِ الصادرِ عن المصانع والمعامل لكن يمكن لهم أن يخففوا من التلوثِ الخارج من منازلهم على الأقل.

التقى الأصدقاءُ مع زملائهم التلاميذ في المدارس الأخرى وأطفالِ الأحياء المختلفة في المدينة وتبادلوا معهم الرأي والأفكارَ, وأخيرًا اتفقوا على فكرةٍ جميلةٍ, فكرة مشروع يمكنهم الحد من التلوث, كتب كل من الأطفال بطاقة دعوة لوالديه يدعوهما فيها إلى الاجتماع في الحديقة العامة مساء الجمعة عند الساعة السادسة مساء وختموا الدعوات بكلمة (طفلكم المحب).

سر الآباء والأمهات بالدعوات الموجهة من أبنائهم وتساءلوا مع بعضهم البعض وفي أنفسهم عن مناسبة الدعوة تلك , وما أثار الدهشةََ أن الدعوة لم تقتصر على حي معين ولكنها شملت كلَّ الأحياء المختلفة إذ ازدحمت الحديقة عن آخرها بالآباء والأمهاتِ والأطفال, أمسكت سميرةُ بالميكروفون وكانت قد استأذنت ناظرة مدرستها في استعارته ليوم واحد عندما كانت تقدم لها بطاقة الدعوة وعندما عرفت الناظرة فكرتها حيتها وقبلت إعارتَه لها.

خاطبت سميرة الجميعَ: يسرنا اجتماعكم اليوم, نحن أطفالكم نرغب أن تشاركونا في مشروع الحد من التلوث الذي يدمر بيئتنا ومدينتنا, على الأقل الملوثات التي تخرج من منازلنا.

ثم دعت سميرة أحمد لكشف الغطاء عن صندوقٍ زجاجي, وتابعت: هنا سنجمع مساهماتكم لتنفيذ المشروع نرجو التبرعَ بسخاءٍ من أجل مدينتنا.

تهامس الناسُ فيما بينهم وتبادلوا الابتسامات والتعليقَ ثم امتدت أيديهم تجود بما رأوه مناسبًا للمشروع الذي سيقيمه أبناؤهم.

في اليوم التالي قام الأصدقاءُ بجولة في أحد المصانع وطلبوا من المسئول أن يتبرع للمدينة ببعض الحاويات المناسبة, ثَمّن المسئولُ رغبة الأصدقاء وقال: لا شك كلنا نعاني من التلوث وأهلُنا وأطفالنا لكننا بحاجة أيضًا إلى منتجات المصانع, سنحاول التخفيفَ من التلوث الذي تطرحه مصانعنا وسنساهم بدعم حملتكم.

بعد أسبوعٍ كانت مجموعةٌ من الحاويات تصطف على نواصي الشوارع الرئيسية في المدينة وكتب الأصدقاء عليها بعض الكلمات التي تبين الفضلات التي ستلقى فيها, حاوية للزجاج, أخرى للورق, وثالثة للمعادن, ورابعة للمواد البلاستيكية.

طلب الأصدقاء من محافظ المدينة أن يتبرع مكتب المحافظة بأجرة سيارة تقوم بنقل المخلفات إلى مصانع إعادة تدوير المواد المستهلكة لتصبح موادَّ جديدة تخفف الضغط على المواردِ الطبيعيةِ, رحب المحافظُ باقتراحِ الأصدقاء, ووعدهُم بالمساهمةِ في مشروعِهم.

بعد مدة أحصى الأصدقاءُ ما اجتمع لديهم من نقودِ المساهماتِ, واستعانوا بوالدِ سميرة, الذي كان يمتلكُ عربةَ نقلٍ وذهبوا لسوقِ المدينة وعادوا مبتهجين وأصوات مأمأة وثغاء وصياح ترافقهم, كانت فكرةُ الأصدقاءِ الجديدةِ أن تضم حظائر المدارس الحيوانات التي جلبوها لتساهم معهم في الحدِّ من التلوثِ بإطعامها بواقي الأطعمةِ التي كانت بتخمرها تصدر عنها روائح كريهة ويستفيدوا من فضلاتِ الحيواناتِ في استخدامها أسمدًة طبيعية للزراعة.

 


 

لطيفة بطي