كيف تكتب قصة?

كيف تكتب قصة?

رسوم : محمد يونس

كتبت سارة موضوعًا وعرضته على المعلمة, وقالت: لقد كتبت موضوعًا جميلاً وطريفًا يا معلمتي.

سرّت المعلمة وقالت: أحب أن تقرأيه في حصة النشاط القادمة على زميلاتك في الفصل.

وفي حصة النشاط قرأت سارة:

النادل: ماذا تشرب يا سيدي?

سعد: شاي إذ سمحت...

النادل: لا يوجد شاي!

سعد: إذن حليب...

النادل: ولا يوجد حليب!

سعد: إذن عصير...

النادل: ولا حتى عصير!

سعد: احضر لي مشروبًا غازيًا.

النادل: ولا يوجد هذا أيضًا!

سعد: كل شيء لا يوجد...! ماذا يوجد?

النادل: كل شيء لا يوجد...! ماذا يوجد? يا له من اسم رائع, شكرًا لك يا سيدي!

سعد: ماذا يعني هذا?

النادل: سيكون اسمًا جميلاً للمقهى, كل الزبائن يدخلون ويطلبون مشروبات لا توجد, القهوة هي الشيء الوحيد الذي يوجد هنا, اسم رائع, كل شيء لا يوجد...! ماذا يوجد?

سعد: لا أدري إن كان شيئًا مضحكًا أم مبكيًا?!

ضحكت المعلمة والتلميذات وصفقن لسارة ثم إن المعلمة قالت لسارة: ما رأيك يا سارة أن تعيدي كتابة الحوار بين النادل وسعد تصفين لنا فيه المكان الذي كانا فيه, كما لاشك بأنهما قد قاما ببعض الحركة أثناء حديثهما كأن يكونا قد وقفا أو جلسا أو حرّكا أيديهما أو رأسيهما, هل يمكن أن توضحي ذلك يا سارة?

سرت سارة بملاحظات المعلمة وفي حصة النشاط الثانية قرأت: المكان - مقهى تتوزع فيه طاولات وكراسي وفي أحد الجوانب خارج المقهى لافتة خشبية مكتوب عليها مقهى, ولا يوجد أي اسم لذلك المقهى, يجلس في المقهى زبون واحد يُدعى سعد, ويقرأ في صحيفة ويأتي النادل حاملاً ورقة وقلما ليكتب طلب الزبون سعد, النادل يثبت القلم على الورقة: ماذا تشرب يا سيدي?

يضع سعد الصحيفة: شاي إذا سمحت.

النادل يهز رأسه: لا يوجد شاي!

ينظر إليه سعد ويقول: إذن حليب.

النادل يهز رأسه من جديد: ولا يوجد حليب!

يعود سعد للقراءة في الصحيفة: إذن عصير...!

النادل يهز رأسه أيضًا: ولا حتى عصير!

يضرب سعد بأصابعه على الجريدة: احضر لي مشروبًا غازيًا.

النادل يضع القلم والورقة في جيب قميصه: ولا يوجد هذا أيضًا!

يضرب سعد على الطاولة بيديه بشدة وينهض: كل شيء لا يوجد...! ماذا يوجد?

يصفق النادل بيديه: كل شيء لا يوجد...! ماذا يوجد? يا له من اسم رائع, شكرًا لك يا سيدي!

سعد يتجه إلى باب المقهى: ماذا يعني هذا?

النادل يقترب من اللوحة المكتوب عليها مقهى...ويقول: سيكون اسمًا جميلاً للمقهى, كل الزبائن يدخلون ويطلبون مشروبات لا توجد, القهوة هي الشيء الوحيد الذي يوجد هنا, اسم رائع كل شيء لا يوجد...! ماذا يوجد?

سعد يهز رأسه نحو اليمين واليسار: لا أدري إن كان شيئًا مبكيًا أم مضحكًا?!

صفقت المعلمة والتلميذات لسارة وقالت المعلمة لسارة مرة أخرى: لقد أصبح موضوعك أجمل من المرة الأولى, لكن ماذا لو وضحت لنا بعض الأشياء الأخرى التي ستجعلنا أكثر سعادة في المرة القادمة ونحن نستمع إليك, ما رأيك لو حددت لنا الوقت الذي دار فيه الحوار, هل كان صباحًا أم مساء? أكان الزمان مثلاً صيفًا أم شتاء? كما أنه لاشك أن النادل وسعد عندما كانا يتبادلان الحوار كانا يشعران ببعض المشاعر من الفرح وربما من الغضب, الملل, الحيرة, مشاعر ظهرت على وجهيهما وأثرت على حركتهما أثناء تبادل الحوار, فهمت سارة ما قصدته معلمتها وفي حصة النشاط التالية قرأت: المكان - مقهى تتوزع فيه طاولات وكراسي, وفي أحد الجوانب خارج المقهى لافتة خشبية مكتوب عليها مقهى, ولا يوجد عليها أي اسم لذلك المقهى, الوقت صباحًا لأن المصابيح المعلقة في المحل مطفأة ويمتلئ المكان بنور الشمس, وأصوات العصافير المغردة, على كل الطاولات مزهريات مزينة بالورود الزاهية والملونة والأشجار قرب المقهى تتمايل بهدوء لأن الجو كان ربيعًا, لا يجلس في المقهى سوى زبون واحد يدعى سعد, ويقرأ في صحيفة, يأتي النادل حاملاً ورقة وقلمًا ليسجل طلب الزبون سعد, النادل يثبت القلم على الورقة, ويتلطف في حديثه المؤدب: ماذا تشرب يا سيدي?

يضع سعد الصحيفة ويجيب بمرح: شاي إذا سمحت.

النادل يهز رأسه متأسفًا: لا يوجد شاي!

ينظر إليه سعد ويفكر ثم يقول بعدم اهتمام: امم إذن حليب.

النادل يهز رأسه مرة أخرى بأسف: ولا يوجد حليب!

يشعر سعد بالحيرة ويعود للقراءة في الصحيفة: آه, إذن عصير.

النادل يهز رأسه ويمد صوته: ولاااا حتى عصير!

يضرب سعد بأصابعه على الجريدة ويقول مغتاظًا: احضر لي مشروبًا غازيًا!

النادل يضع الورقة والقلم في جيب قميصه ويجيب بسرعة: ولا يوجد هذا أيضًا!

يضرب سعد على الطاولة بيديه بشدة وينهض غاضبًا: كل شيء لا يوجد...! ماذا يوجد?

النادل يشعر بالدهشة ويصمت قليلاً ثم يصفق بيديه فرحًا: كل شيء لا يوجد...! ماذا يوجد? يا له من اسم راااائع, شكرًا لك يا سيدي!

سعد يتجه إلى باب المقهى ويقول باستغراب: ماذا يعني هذا?!

النادل يقترب من اللوحة المكتوب عليها مقهى...ويقول بفرح: سيكون اسمًا جميلاً للمقهى, كل الزبائن يدخلون ويطلبون مشروبات لا توجد, القهوة هي الشيء الوحيد الذي يوجد هنا, اسم رائع كل شيء لا يوجد...! ماذا يوجد?

سعد يهز رأسه نحو اليمين واليسار ويقول ساخرًا: لا أدري إن كان شيئًا مبكيًا أم مضحكًا?!

صفقت المعلمة والتلميذات لسارة وقالت المعلمة: لقد أصبح لدينا الآن كاتبة صغيرة وجميلة, ما رأيكن أن نمثل هذه المسرحية الظريفة?

ابتهجت التلميذات وأسرعن يرتبن الأدراج والكراسي لمقهى كل شيء لا يوجد...!

ماذا يوجد?

 


 

لطيفة بطي