النملة والصرصور (قصة شعرية)

النملة والصرصور (قصة شعرية)

ترجمها عن (لافونتين) : بوزيد حرز اللّه
رسوم: حليمة أحمد الأمين

يُحكَى عَنْ صرصورٍ فنّانْ.
أمضَى صيْفَهُ في رَقصٍ وغِناءٍ,
مَزهوّا جذْلانْ.
ما فكّر يومًا فِي جَمْعٍ غِذاءٍ,
ينفَعُهُ وقْتَ الشدَّةِ والحِرْمان.
ولمّا هبّتْ ريحُ القرِّ,
وغطّى الثلْجُ سريعًا كُلَّ مَمرِّ.
صارتْ أيّامُ الصرصُورِ,
العابِثِ في عُسْرِ.
في يَوْم قَصَدَ الصرصُور النملةَ جارتَهُ,
يشكُوهَا ليالِي البرْدِ.
ونارَ الجوعِ العاتِي,
يسألُها شَيْئًا مِنْ قَمْحٍ.
يُرْجعُهُ - وَعْدًا - في العامِ الآتي,
- إن شِئْتِ خُذي ما أمْلِكُ من مالٍ.
لا أرجُو غَيْر قليلٍ,
مِن زادِكِ.
شُوفي حَالي,
رَدَّتْهُ النَّمْلَةُ عَاتِبَةً:
قَدْ كُنْتُ خَفيفًا وَظريفَا.
في طرَبٍ صَيْفًا وخَريفَا,
فارْقُصْ يا جار وَغَنِّ.
لا تَطْرُقْ بَابيَ بَعْدَ السَّاعَةِ,
أغْرُبْ عَنِّي.
لا تَغْضَب مِنّي يَا جَاري,
ما عِنْدي مِلكٌ لصغَارِي.
عَادَ الصّرصُورُ كَئيبًا جوعانَا,
لا يَدْري ما يَصْنَعُ,
يَمْشي صَوْبَ الغابةِ حَيْرانَا.
قَدْ كَانَ يُرَدِّدُ فِي حُزْنٍ:
- لَنْ أبْقَى العابِث يا صَحْبي,
فالنّاجِحُ حَقّا مَنْ يَعْمَلْ.
وَلَكُمْ وَعْدي أنّي أشْقَى,
مَعَكُمْ في الصّيفِ المُقْبِلْ.
مَنْ يَزْرَعْ حَقّا يَحْصِدْ مَا,
يَكْفِيهِ, فَيَحْيَا لا يَسْألْ.
-----------------------------
جذْلانْ : مسرور
القرِّ : البرد
العاتِي : شديد القسوة