العالم يتقدم.. مرحبًا.. بالديناصوراتِ القزمةِ

العالم يتقدم.. مرحبًا.. بالديناصوراتِ القزمةِ

ربما تكون قد شاهدت الديناصورات في إحدى الحلقات التلفازية أو خلال أحداث فيلم سينمائي، إنها تلك الزواحف العملاقة التي كان يصل طولها إلى حوالي عشرين متراً وارتفاعها إلى ستة أمتار ووزنها إلى ثلاثين طنا، وكان البعض منها يتغذى على النباتات، أما البعض الآخر فكان متوحشاً يفترس الحيوانات الأخرى. وقد انفرضت هذه الديناصورات منذ نحو 65 مليون عام، عندما ارتطــم كويكب (كوكب صغير جداً) بسطح الأرض، فأحدث دماراً هائلاً، وارتفعت سحب جبارة من التراب والغبار، فحجبت ضوء الشمس لسنوات مما أدى إلى موت كل الكائنات الحية على كوكب الأرض ومنها الديناصورات. واستطاع العلماء التعرّف على هذه المخلوقات الضخمة مما تركته من عظام متحجرة مدفونة في الأرض بأنحاء من العالم.

ديناصور.. بحجم الدجاجة!

وحدث أخيراً أن اكتشف العلماء شيئاً مذهلاً، إذ وجدوا بقايا ديناصورات قزمة لا يزيد حجم الواحد منها على حجم دجاجة كبيرة! وعلى الرغم من صغر حجمها، فقد كانت متوحشة تأكل لحوم الحيوانات الأخرى وقد بلغ وزن الواحد من هذه الديناصورات نحو كيلوجرامين فقط وطولها حوالي خمسين سنتيمتراً، وكان لها أسنان قاطعة كالسكاكين.

ومنذ نحو 75 مليون عام، كانت الديناصورات القزمة تجوب مستنقعات (أراضٍ منخفضة تمتلئ بالماء) وغابات المناطق الجنوبية من كندا بأمريكا الشمالية. وكانت لها مخالب حادة كالمنجل (المنجل أداة لها سلاح شبه دائرى ومقبض صغير، تستخدم لقطع الأعشاب) وأطلق على هذه الديناصورات «المخالب الغربية». وكانت الديناصورات القزمة تقتات على الحشرات والسحالي والطيور والحيوانات الصغيرة خاصة البرمائية منها، أي التي تعيش في اليابسة والماء على حد سواء. وكانت هذه الديناصورات تسير على قدميها فقط، فهي ليست من ذوات الأربع.

الديناصورات .. ذات الريش

وفي الصين اكتشف منذ عدة سنوات، ديناصورات قزمة أخرى، ولكنها كانت مغطاة بالريش مثل الطيور في هذه الأيام. فقد ظهر من الفحص الدقيق للعظام المتحجرة لهذه الديناصورات، وجود آثار من ريش ناعم على بعض أجزاء منها.

ويعتقد العلماء الصينيون، أن هذه الديناصورات القزمة ذات الريش، كانت تستوطن أراضي شمال الصين منذ نحو 120 مليون سنة، وكانت تتغذى على النباتات والحيوانات على حد سواء وكان يصل طول الواحد منها إلى نحو سبعين سنتيمتراً ولم يتجاوز وزنه كيلوجرامين، وتتميز بجسم رفيع وذيل طويل.

وقد أطلق على هذا الديناصورات «زاحف كونفوشيوس» لأن عظامه المتحجرة وجدت في نفس المنطقة التي عاش فيها منذ زمن بعيد الفليسوف الصينـى «كونفوشيوس» (551 479 قبل الميلاد).

القزم.. ذو الأسنان المتنوعة

ولعل آخر الاكتشافات في مجال الديناصورات القزمة، كان منذ سنوات قليلة عندما عثر العلماء على بقايا متحجرة لعظام ديناصور صغير جداً مدفونة في منطقة بجنوب أفريقيا، وكان يبلغ طوله نحو تسعين سنتيمتراً ويصل وزنه إلى ثلاثة كيلوجرامات.

وقد أطلق على هذا الديناصور «ذو الأسنان المتنوعة» لوجود اختلاف كبير وغريب في أشكال أسنانه، التي تتضمن أنياباًُ حادة مثل أنياب الأفاعي - موجودة في الجزء الأمامي من الفك وضروساً ضخمة تستخدم في طحن الطعام واقعة في الجزء الخلفي، ولهذا يطلق عليها «الطواحن».

وبالمقارنة فإن معظم الزواحف الأخرى مثل التماسيح والسحالي لها أسنان متشابهة إلى حد كبير سواء في الجزء الأمامي أو الخلفي من الفك. وكانت الأسنان المتنوعة لهذا الديناصور القزم، مثار خلاف بين العلماء، حول ما كان يتغذى عليه فقد اعتقد البعض أنه كان يأكل المواد النباتية والحيوانية، بينما رأى البعض الآخر، أنه كان يقتات على النباتات فقط، وأن الأنياب الأمامية الحادة كانت لدى الذكور فقط وأنها كانت تستخدم في الدفاع ضد الأعداء.

وكان يتم نمو أسنان جديدة بدل التالفة ببطء شديد، وليس مثل باقي الزواحف، كما كان يتميز الديناصور ذو الأسنان المتنوعة «بعينين كبيرتين وفم بارز إلى الأمام».

ويعتقد العلماء أن هذا الديناصور كان يعيش في غابات ومستنقعات جنوب أفريقيا منذ نحو 190 مليون عام، وكانت له خمسة أصابع في يده، مما جعله قادراً على الإمساك بالطعام بإحكام، ووضعه في فمه.

لقد كان للتقدم العلمي واستخدام الوسائل العلمية الحديثة في الحفر والبحث عن البقايا المتحجرة - التي تكمن تحت الأرض منذ ملايين السنين الأثر البالغ في الكشف عن هذه الديناصورات الجديدة، التى أصبحت تعرض عظامها في عدد من متاحف التاريخ الطبيعي في عدد من دول العالم، فمرحباً بالديناصورات القزمة.

 


 

رءوف وصفي