أبنائي الأعزاء

أبنائي الأعزاء
        

          هذا الشهر هو نهاية عام كامل من الزمن، وقد يبدو العام الواحد صغيرا في تاريخ البشرية المزدحم ، ولكنه كبير جدًا في عمر الإنسان، فهو لا يعني نموًا جديدًا وزيادة في السن، ولكن يجب أن يزيد رصيده أيضًا في الخبرة والمعرفة، فالتعلم والمزيد من التعلم مهمة أساسية للإنسان، ولا يتأتى هذا إلا بمزيد من الجهد والمثابرة، وكلما ازداد الإنسان علمًا ازداد تواضعًا، والأيام التي تعرف فيها شيئًا جديدًا هي فقط التي تحسب من العمر، ولو ظل الإنسان على حاله ولم يتعلم جديدًا فقد ضيّع عمره سدى، وقد قرأت قولاً صغيرًا ولكنه أعجبني كثيرًا، هو: بالمثابرة وصلت السلحفاة إلى سفينة نوح، وأنتم - بالطبع - تعرفون قصة سيدنا نوح - عليه السلام - عندما دعا كل المخلوقات إلى ركوب سفينته قبل أن يُغرِق الطوفانُ الأرضَ، وأخذ من الحيوانات من كل زوج اثنين، ولابد أن الحيوانات قد تدافعت للنجاة، ومن المؤكد أيضًا أن السلحفاة - وهي أبطأ الحيوانات - قد أحسّت بالخطر مبكرًا عن الجميع، وبدأت في السير نحو السفينة قبلهم، ولم تتوقف عن السير نهارًا أو ليلاً، وهذا الجد وتلك المثابرة هما ما جعلاها تصل إلى السفينة قبل أن تقلع وأن تشارك الجميع فرحة النجاة، والمغزى هنا أن الأيام يجب ألا تضيع سدى، والأشياء التي تبدو بعيدة المنال يمكن للمرء أن يحققها إذا عقد العزم عليها، فالإنسان ليس أبطأ من السلحفاة، وقد أوتي العقل والحكمة اللذين يمكنانه من تحقيق جميع أهدافه، ومادامت السلحفاة وهي بهذه الإمكانات المتواضعة قد حافظت على حياتها على مدى آلاف من السنين فمن المؤكد أن الإنسان يستطيع أن يفعل الأفضل، وهذا درس العام الجديد لنا، حتى يحسب إضافة إلى عمرنا وليس خصمًا منه.

 


 

سليمان العسكري   

 




صورة الغلاف