العالم يتقدم.. باطنُ الأرضِ السرُّ الغامضُ!.. إعداد: رؤوف وصفي

العالم يتقدم.. باطنُ الأرضِ السرُّ الغامضُ!.. إعداد: رؤوف وصفي

عرف العلماء منذ سنوات طويلة أن البحث في أعماق الفضاء أسهل علينا من البحث في باطن الأرض! ذلك لأن الضوء يمر خلال معظم أنحاء الفضاء، ولذلك فإن ضوء النجوم البعيدة يسهل علينا رؤيته بأعيننا المجردة أو باستخدام التلسكوبات الأرضية أو الفضائية. أما الأرض فإنها معتمة. مما يعني أن الضوء لا يمكنه أن يمر خلاله، ولهذا تظل سراً غامضاً.

النيوترينوات الأرضية

إذا كنا لا نستطيع استخدام الضوء لمشاهدة باطن الأرض. ترى ما الذي يمكننا استخدامه لتحقيق هذا الهدف؟ تسألني فأجيبك.

أخيراً حاول بعض العلماء استخدام جسيمات أصغر من الذرة تسمى«النيوترينوات»، والنيوترينوات تأتي غالباً من الأجسام الفضائية، مثل الشمس والنجوم البعيدة الأخرى.

ولكن ليست كل النيوترينوات تأتي من الفضاء، إذ إن هناك نوعاً خاصاً منها يسمى «النيوترينوات الأرضية»، يأتي من داخل الأرض. ومعظم تلك الجسيمات تأتي من قشرة الأرض أو غلاف قلب الأرض الداخلي.

والمعروف أن بعض المواد الموجودة في الأرض يمكنها إطلاق نيوترينوات أرضية أثناء حدوث عملية لها تسمى «الإشعاع»، ويطلق على هذه المواد «المشّعة». وأثناء عملية الإشعاع تفقد المادة المشعة بعض طاقتها بإطلاق جسيمات وإشعاعات مختلفة. ومن بين الجسيمات التي تنطلق منها.. "النيوترينوات".

من أعماق الأرض.. إلى الفضاء!

وتخترق النيوترينوات قشرة الأرض الصلبة، وإذا لم يمنعها شيء، فإنها تذهب إلى الفضاء وتستمر في الإندفاع إلى أعلى.

ويأمل علماء الأرض في الإمساك ببعض هذه الجسيمات، وهي في طريقها إلى خارج الأرض، وذلك للتعرف على طبيعة المواد الموجودة في باطن الأرض.

غير أن هذه ليست بالمهمة اليسيرة.. للسببين التاليين:

- لا يوجد عدد كبير من النيوترينوات الأرضية.
- من الصعب جداً العثور على هذه الجسيمات.

وللإمساك بهذه الجسيمات، صمم العلماء أجهزة كشف خاصة للنيوترينوات الأرضية. وهذه الأجهزة العلمية غريبة الشكل، عبارة عن كرات معدنية عملاقة مدفونة في أعماق الأرض.

وعلى سبيل المثال، (في كندا) يجهز العلماء كاشفاً للنيوترينوات الأرضية، يبلغ ارتفاعه ما يوازي أربعة طوابق ومدفون على عمق نحو كيلو متر. وسوف يملأ الكاشف بسائل خاص شفاف يتألق بشدة، عندما يمر نيوترينو خلاله. غير أن هذا الكاشف سوف يمسك بحوالي خمسين نيوترينو أرضياً فقط في العام بأكمله. وهو عدد لا يكفي الأبحاث العلمية. لهذا هناك مخطط لإنشاء كاشفات أخرى في معظم أنحاء العالم، بما فيها واحد في قاع المحيط..

ما سر حرارة باطن الأرض؟

ويأمل العلماء الذين يدرسون النيوترينوات الأرضية، أن تساعد تلك الجسيمات فائقة الصغر في الإجابة عن سؤال مهم عن الأرض. فنحن نعرف أن باطن الأرض ساخن للغاية، ولكن من أين تأتي هذه الحرارة؟ يعتقد العلماء أن جزءاً كبيراً من هذه الحرارة، يأتي من بعض المواد المشعة الموجودة في باطن الأرض، لكنهم يريدون أن يتأكدوا تماماً من ذلك. وعن طريق حساب عدد النيوترينوات الأرضية، يأمل العلماء في فهم كيفية تسخين المواد المشعة لباطن الأرض.

 


 

رؤوف وصفي