السيدة اللثة

السيدة اللثة
        

          في الحجرة الفموية امتد اللسان بيضاوياً في المنتصف والتفت الأسنانُ حوله.. تنتظر بدء الاجتماع.

          كان الحوارُ حاداً جداً حاولت كل سن من الأسنان أن تعبر عن نفسها بطريقتها الخاصة !

          استغلت الثنية مكانها الاستراتيجي والمهم في واجهة الفم وقالت:

          أنا من يبتدئ بقطع الطعام.. لذا أنا من يستحق الاهتمام.

          التفتت الرباعية إليها معاتبة:صحيحٌ أنني أصغر الأسنان لكن حدي القاطع ماهر في القطع أيضاً.

          ضحك النابُ كثيراً.. وقال مغروراً: ماذا؟هل نسيتم من أنا؟ أنا من يسمونني سن العين لأن جذري القوي الطويل يصل إلى حدود العين.. أنا من يمزق اللقمة ويقطعها إرباً إرباً (قطع صغيرة).

          انزعج الضاحكُ من الناب وقال متهكماً:كفاك غرورا ً.. يكفي أنني أملك حدبتين قادرتين على طحن الطعام.

          استغربت الرحى الضخمة كثيرا ما يجري وهتفت:

          كيف تتفاخرون بقوتكم وأنا موجودة.. أنا الرحى القوية ذات الأربع حدبات.. يكفيني فخراً جذوري الثلاثة القاسية.. أنا من يسحق الطعام ويحوله إلى لقمة طرية سائغة.

          تعالت الأصواتُ وكثر الضجيج.

          وحدها السيدةُ اللثة بثوبها الوردي كانت تراقب الجميع.. تهز رأسها.. وكأنها تخفي فيه حكمة بليغة.

          بعد عدة شهور حدثت أشياء غريبة في الحجرة الفموية.

          تراكمت فضلات الطعام في الزوايا وبين الأسنان.. بدأت البكتريا تتكاثر وتفرز سمومها على السطوح.. تشكلت طبقة صفراء قاسية تشبه الكلس توضعت على أعناق الأسنان وعميقاً في التجاويف.

          فجأة أصبحت اللثة رخوة طرية تنزف دماً.. وامتلأت الحجرة الفموية بروائح كريهة.

          بدأت اللثة تنحسر وتتراجع عن جذور الأسنان التي فقدت قوتها وأصبحت تتحرك في كل الاتجاهات وعجزت حتى عن قطع لقمة صغيرة.

          عندها.. نظرت اللثةُ إلى الجميع وقالت:حين تخليت عنكم انهارت قوتكم.. هل عرفتم من هو الأهم فيكم.. إنها أنا.. السيدة اللثة.

 


 

لينة الدسوقي