فنان اللمسة الواحدة.. أحمد واحمان

فنان اللمسة الواحدة.. أحمد واحمان
        

          لوحاته تنبض بالحياة، ألوان ريشته معبرة ومواضيعه متنوعة، ثقافته واسعة، إذا أصغيت له حدثك في كل مجال.

          أما إذا جلس في مرسمه فإنه يستغرق في صمت طويل وهو يحرك ريشته بين أنامله كأنها رقاص الساعة في انتظار البداية.

          ثم ينتقل بعين الخبير بين علبة الألوان والمنظر الذي أمامه حتى إذا بدا له اللون مناسبا وجه ريشته نحو الصباغة وأخذ يمزج بين الألوان في حماسة ثم يتوقف.. ليضيف لمسة من هذا اللون وأخرى من لون آخر وكأنه يعد وصفة دواء بمقادير دقيقة لا تحتمل الخطأ. ثم يضيف الماء.. الكثير من الماء للألوان.. فيغدق عليها بالحياة.. ثم ها هو الآن يوجه ريشته نحو الورقة البيضاء.. لتكسوها حلة جديدة.

          وتبدأ الورقة البيضاء.. في تحول عجيب نحو اللوحة.. ماء ملون يسري على سطح اللوحة تحركه ريشة وبرية ناعمة يسرة ويمنة ثم يتوقف هنا وينعرج هناك ليعطي انطباعا لأشكال دالة : ورود وزهور.. أشجار وقصور.. ومناظر خلابة.

          مهلا.. لم تتوقف الريشة بين أنامل يديه بعد، مازالت مستمرة في رحلتها نحو العالم العجيب.. عالم الجمال والفن.

          الماء بدأ يجف على سطح الورقة.. ويترك جزيئات الألوان الصغيرة عالقة على تقاسيمها.. تتوقف ريشة الفنان (بلاك عبدالرحمن).. ترتفع إلى السماء تنتظر اللمسات الأخيرة.. ثم تنتهي الرحلة.. وتكتمل اللوحة... ينظر الفنان إلى لوحته من بعيد لمدة طويلة ثم يغادر المرسم.. ليعود بعد حين ليبدأ قصة جديدة على ورقة بيضاء تنتظر في شوق دغدغة الريشة الوبرية وحكاية الألوان.

          إنها رحلة الفنان المغربي بلاك عبدالرحمن الخبير في إنجاز اللوحات بتقنية الصباغة المائية (الأكواريل) وهي من أصعب التقنيات لأنها تتميز باللمسة الواحدة لا تقبل التعديل أو التردد لأن الورق الخاص يمتص الماء بسرعة كبيرة وتجف الصباغة.

          يؤمن الفنان بلاك عبدالرحمن بأن ما يمتلكه الفنان لكي يكون ناجحاً هو عينه التي يرى بها الأشياء ويختار المواضع والألوان ثم حساسيته وذوقه الفني الذي تصنعه التجربة.. والتجربة هي العمل الدؤوب والتعلم من الأخطاء.. وتأتي بعد ذلك الموهبة.. لأن الموهبة لا تنفع إذا لم يصاحبها عمل وكد.. وقد تعلم فناننا هذا الكثيرَ في أيام كان يعمل فيها لمدة قد تتعدى ست عشرة ساعة في اليوم.

بطاقة تعريفية بالفنان:

          الفنان  بلاك عبدالرحمن من مواليد الدار البيضاء سنة 1965م درس فيها مرحلته الابتدائية والإعدادية ثم انتقل إلى شعبة الفنون التشكيلية ليحصل على بكالوريا تخصص فنون تشكيلية سنة 1985م درس في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة بالدار البيضاء، ثم التحق بالمركز التربوي ليتخرج أستاذاً لمادة الفنون التشكيلية سنة 1988م شارك في عدة معارض جماعية.. ولوحاته تملأ أروقة المعارض الدائمة بالمدينة.

 


 

أحمد واحمان