يوميات طفل مشاغب مع الكلب زعتر

يوميات طفل مشاغب مع الكلب زعتر
        

رسم: شكيب العلمي

          «أنا أعرف كل شيء عن أنواع الكلاب ويمكنني أن أتعامل مع أي كلب دون خوف» قلتُ هذه العبارة لأصدقائي في المدرسة متباهيًا بمقدرتي على التعامل مع كل أنواع الكلاب، وبصراحة يا أصدقائي الأعزاء هذا الأمر لم يكن حقيقيًا على الإطلاق، فأنا لا أعرف أي شيء عن أنواع الكلاب وطرائق تربيتها، والحقيقة الأكثر صراحة هي أنني أخاف جدًا من الكلاب، لدرجة أنني إذا رأيتُ كلبًا يسير في أي طريق أسير من الطريق الأخرى، ولكنني اضطررت إلى ادعاء مهاراتي في التعامل مع الكلاب عندما رأيتُ صديقي «ماجد» يتحدث عن كلبه الجديد «زعتر» وكيف أن والده أحضره من ألمانيا، وأن أحدًا لا يستطيع التعامل معه لأنه كلب كبير وشرس، وأن «ماجدًا» هو الوحيد الذي يمكنه أن يأمر «زعتر» فيستجيب له وينفذ أوامره، استفزتني كلمات «ماجد»، واستفزني أكثر تجمع كل الفصل حوله ليحكي لهم عن خبرته في ترويض الكلاب، لهذا قلت هذه العبارة، وليتني لم أفعل، فيبدو أن «ماجدًا» أدرك أنني لا أقول الحقيقة لذلك قرر أن يحرجني أمام الجميع، فأخبرني أنه سيحضر معه كلبه زعتر غدًا بعد انتهاء اليوم الدراسي وعليّ أن أقوم بترويضه أمام كل الأصدقاء، وبالطبع قبلتُ التحدي.

          يومها لم أستطع النوم وظللتُ طوال الليل أتخيّل منظري وأنا أقف أمام زعتر، والحقيقة أن صورة زعتر كما تخيلتها لم تكن حقيقية، فهو لم يكن كبيرًا أو شرسًا فقط بل كان كبيرًا جدًا وشرسًا للغاية، حتى أن ماجدًا لم يقو على جذبه، كان الموقف صعبًا جدًا، فماجد يقف بجوار زعتر وأنا أقترب منهما مرتجفًا، وكل الطلاب ينظرون إليّ، لم استطع الاقتراب أكثر من ثلاثة أمتار، وبمجرد أن بدأت أنادي على زعتر قام ناهضًا فأصبح حجمه أكبر بكثير مما يبدو وهو جالس، وبدأ يكشر عن أنيابه ويلهث، فلم أشعر بقدمي وأنا أفر من أمامه هاربًا وخلفي زعتر وماجد وخلفهما باقي الأصدقاء وهم يضحكون.

          وبالطبع يمكنكم أصدقائي أن تتخيلوني في اليوم التالي وأنا أدخل المدرسة وهالات الخزي تحيط بي، ظللتُ طوال اليوم أشعر بالحرج من النظر إلى زملائي، وعندما حان موعد انتهاء اليوم الدراسي، هممتُ بالانصراف بسرعة غير أنني فوجئت بيد تربت على كتفي بعطف، وكم كانت دهشتي عندما عرفت أنها يد ماجد، الذي نظر إليّ باسمًا وهو يقول "لا تحزن فلا يعيب المرء أن يقول إنه لا يعرف، فالاعتراف بعدم المعرفة أفضل بكثير من ادعاء المعرفة، وقديمًا قال الخليل بن أحمد «تربّع الجهلُ بين الحياء والكبر في العلم، فلا تخجل من طلب المعرفة ممن يملكها» وهنا وجدتني أصافحه بحرارة، وأقول له «هل يمكن أن تعلمني كيفية تدريب الكلاب والتعامل معها؟» فقال «أوافق بالطبع بعد أن تستأذن والديك» وبالفعل علّمني «ماجد» الكثير من الأشياء عن تربية الكلاب وأنواعها وعاداتها، كانت هذه المعلومات كفيلة باقترابي أكثر من زعتر الذي اكتشفتُ أنه على الرغم من حجمه الكبير وشكله الذي يبدو مخيفًا فإنه كلب طيب للغاية يحب الجميع، ومن يومها صرتُ أنا وماجد وزعتر أصدقاء.

          وأمس عندما كنتُ في طريق عودتي إلى البيت رأيت كلبًا كبيرًا يسير مع صاحبه، فلم أسر من طريق أخرى كالعادة وإنما سرتُ في طريقي دون خوف لأن من يعلم لا يخشى.

 



علاء عبدالمنعم