مغامرت مريومة.. مريومة والنحلة نونة

مغامرت مريومة.. مريومة والنحلة نونة
        

رسوم: محسن عبدالحفيظ

          أشرقت شمسُ الصباح الجميل، واستيقظت مريومة كعادتها مبكرًا, كانت سعيدة لأن اليوم ستبلغ من العمر عشرة أعوام، وكم تمنت أن تكبر وتبلغ عامها العاشر, ويكون عامًا مميزًا مليئًا بالمغامرات الممتعة. 

          ثم أسرعت لتستعد للذهاب للمدرسة وقالت: كم هو جميل أن يصبح هذا اليوم عطلة وأحتفل بعيد ميلادي!

          نزلت مريومة إلى حديقة المنزل تنتظر  الحافلة. 

          كان الجو جميلاً .. والفراشات تتطاير رشيقة.. والأزهار تتراقص مع الأغصان, فراحت مريومة تركض وراء الفراشات وتغني أحلى النغمات.

          صباح الخير أزهاري 
          صباح المسك والعنبر 
          صباح الزهر والزعتر

          ركضتْ كثيرًا وغنت كثيرًا، ثم جلست لترتاح فبدأت الشمس تداعبها بأشعتها الحنونة حتى شعرت بالاسترخاء والهدوء والدفء.

          اقتربت نحلة كبيرة من مريومة وراحت تحوم حول رأسها، وتقف على شعرها، وتدنو من عينيها. خافت مريم وحاولت أن تطرد النحلة عنها خشية أن تقرصها.

          اقتربت النحلة من أذن مريومة وهمست:

          - أنا النحلة نونة.. لماذا أنت جالسة يا مريومة.. ولماذا لم تذهبي إلى المدرسة؟

          استغربت مريومة من مصدر الصوت، ثم تلفتت حولها، فلم تجد إلا النحلة، فردت عليها: الحافلة تأخرت.. ماذا أفعل؟ يبدو أنني سأجلس في المنزل اليوم.

          فنظرت النحلة إلى مريم متعجبة! وقالت: لكن يبدو أنك سعيدة بذلك؟

          ردت مريم: أكيد.. فلن يكون لدي اليوم أي واجبات. ما أجمل الحرية والراحة!

          فضحكت النحلة وهي ترسل طنيناً كألحان نشيطة وقالت: أنت تذهبين إلى المدرسة وتجلسين في الفصل والمعلمون يدرسونك وينيرون عقلك بالعلم والمعرفة. ومع ذلك تتكاسلين عن الذهاب إلى المدرسة وتفضلين الجلوس في المنزل لتلعبي.. عجبًا منك أيها الإنسان.. الله وفر لك كل شيء على  الأرض، ومع ذلك تحب الراحة أكثر، وتتكاسل عن تأديه واجباتك!

          فقالت مريومة: يا عزيزتي النحلة لو كنت مكاني فلن تقولي هذا الكلام بل كنت ستنتظرين يوم العطلة كي يأتي مسرعًا.

          فردت النحلة:  ولكننا في «مملكة النحل» نعمل أيضًا ولا نتوقف حتى ننهي أعمالنا، فنحن مجتمع متكافل متلاحم متعاون.

          فقالت مريومة بلهفة: مملكة النحل، إنه عالم جميل وممتع، تتنقلون فيه بين الزهور والأغصان، ليتني أعيش في هذا العالم الممتع ..

          ابتسمت النحلة نونة وحملت مريومة وصرخت بصوت عالٍ هيا إلى عالم النحل العجييييييييييب

          أمسكت مريومة بجناح نونة وبدأت رحلة الطيران إلى عالم النحل الفنان, وبدأت تغني وتشدو بصوت باسم رنان:

          ما أجمل الطيران.. ما بين الأغصان 
          ما أروع الشجر.. والسهل والوديان 
          والشمس بالأضواء.. تلون الأفنان  
          ما أجمل النحل .. ما أجمل الطيران

          ابتسمت النحلة نونة لمريومة وقالت لها انظري يا عزيزتي مريومة لعالم  التفاني والعطاء، عالم النحل النشيط الذي لا يكل ولا يمل من العمل إنه يطير حوالي 12 ميلاً بالساعة, فالنحلة حشرة نافعة ومدهشة تعيش في مجموعات ضخمة عدد أفرادها 50000 نحلة تسمى «مستعمرات» تعمل باستمرار, تزور إناث النحل من 50 إلى 100 زهرة يوميا في رحلتها الواحدة في الأيام الدافئة، لتجمع الرحيق حيث تهبط فوق الزهرة وتغرس خرطومها (لسانها) في وسطها لتصل إلى مكان وجود الرحيق ثم يمر الرحيق في أنبوب إلى معدة النحلة أو ما يسمى (كيس العسل). وفي كيس العسل تزداد كثافة الرحيق ويتحول إلى عسل ثم يخرج العسل من فم النحلة ويتم حفظه سليماً في الخلية, نحن نحتاج إلى زيارة 2مليون زهرة لإنتاج رطل واحد من العسل.

          كانت مريومة متعجبة من هذا العالم العجيب الذي لا يعرف غير العمل والإنتاج يمنح  عمره ومجهوده للإنسان   ثم ابتسمت  وقالت: الآن عرفت لماذا يشبه الإنسان المخلص في عمله بالنحلة.                

          فردت نونة: الرحيق الذي أجمعه في حياتي كلها لا يكفي إلا لصنع ملعقة صغيرة واحدة فقط من العسل الذي تأكلينه يا مريومة. هكذا خلق الله عالم النحل حتى يصنع للإنسان العسل ليستفيد ويستمتع به. وخلق بني البشر ليعمروا الأرض ولا يتكاسلوا عن العمل والذهاب للمدرسة.. يا مريومة!

          - فردت مريومة بخجل: «الذهاب إلى المدرسة وحل الواجبات أسهل بكثير. من عمل ملعقة عسل صغيرة»! 

          فجأة سمعت مريم صوتًا يناديها: مرييييييييم .. مريييييييم ..

          فردت مريم: ماهذا ؟! .. ماهذا؟! إنه  صوت أمي .. وصوت حافلة المدرسة .. هل كنتُ نائمة؟! أم كنت طائرة؟!

          نعم كنت أطير مع النحلة نونة.. نونة النحلة النشيطة الجميلة ..

          كم كان حلمًا ممتعًا مليئًا بالمغامرات .. مغامرات .. إنها أولى أمنياتي لعامي العاشر.. كم أنا محظوظة فقد تحقق شيء من أحلامي ولكن ليس كل الأمنيات تتحقق بالأحلام بل الإرادة تصنع المعجزات كإرادة النحلة نونة وعزيمة عالم النحل الذي تعلمت منه الكثير وسأبدأ من اليوم في عامي العاشر، سيكون عام النجاح المتميز وسأكون مخلصة في كل شئ أعمله كالنحلة ...

          انتظرني يا باص  المدرسة  أنا آتية.. أنا آآآآآآآآتية

 



أمل الرندي