مبدعو الغد (طبيعةٌ ناطقةٌ!)

مبدعو الغد (طبيعةٌ ناطقةٌ!)
        

          يومٌ ربيعيٌّ زهراوي، فالطقس جميل وهادئ، والعصافير تمرحُ في السماءِ الزرقاءِ الصافيةِ، والأرض تشتدُّ لمعةً من كثرةِ خضارها، والشمس تشعُّ نورًا عليها وعلى مَن فيها، وفجأة يظهر صوت غريب من الأرضِ: فقالت: لماذا لا تتكلمون يا أفراد الطبيعة؟ فردّت الشجرةُ قائلةً: ما لك أيتها الأرض تتكلمين بصوتٍ مرتفعٍ ألا ترين أنني مزروعةٌ على سطحك وأنا أنزعج من الصوتِ المرتفعِ.

          سمعتْ السماءُ الحديثَ فتدخّلت قائلةً: هدّئي من روعِك أيتها الشجرة، وأنتِ أيتها الأرض لستِ وحدك قد مللتِ بل الملل قد أصابنا جميعًا.

          فقالت الأرضُ: بما أننا قد مللنا جميعًا، فما رأيكم أن نتحدث عن واجباتِ كل منا في هذه الحياةِ، فوافق الجميعُ على هذا الاقتراحِ، وقالت الأرضُ:

          أنا الأرضُ التي خلقها الله سبحانه وتعالى وجعلني الأساس الحقيقي في هذه الحياةِ، وبالرغم من كل ذلك في هذه الأيام يمشي البشرُ على سطحي دون أن يدركوا قيمتي وأهميّتي فهم يخرّبونني ويُلقون القمامةَ على سطحي، فأنا أعطيهم كل ما يتعلق بالزراعة من ثمارٍ وخضراواتٍ وفاكهةٍ، ولولا هذا الغذاء لانعدمت الحياةُ على سطحي.

          فأجابت الشجرةُ قائلةً: أنا الشجرةُ التي أقدّم إلى البشرِ بعض احتياجاتهم الغذائية والعملية والطبيعية، أما الغذائية فهي بعض الثمار والفواكه التي لا يستطيع الإنسانُ تقريبًا الحياة من دونِها، وأما العملية فهي الخشب والذي يأخذ دورًا مهمًا في حياة الإنسان.

          وأما الاحتياجات الطبيعية التي يحتاج إليها الإنسان وهي الأهم أنّي أمتص الغازات السامّة التي تنتجها المعامل والمصانع والسيّارات وأوّلها غاز ثاني أكسيد الكربون، لولاي لاختنقت الكائنات الحية من هذه الغازات، وأخيرًا بعد كل هذا العناء يأتي الإنسان ويقطع الأشجارَ دون أن يدرك ما يفعل!

          ثم بدأت السماءُ بالكلامِ قائلةً: أنا السماءُ التي خلقها الله تعالى منبسطةَ الشكلِ مثلما تنبسطُ الأرض، أنا التي أسقي المخلوقاتِ بأمرٍ من اللهِ تعالى عن طريق المطر، وأنا التي أهلِكُ مَن شاء اللهُ أن يُهلك عن طريقِ العواصف الثلجية والرعد والأمطار.

          حسنًا أيها الأصدقاء لقد اكتشفتُ في النهاية أنَّ كلاً منا له دوره المهم في هذه الحياة والطبيعة ولا يمكن أن تكون الحياة طبيعية إذا لم يكن أيٌّ منا يؤدي دوره على أكمل وجه.

تأليف: جهاد الحموي
رسوم: مارك رزق الله عزمي - مصر