قصة من التراث السويسري.. البئر البلورية

قصة من التراث السويسري.. البئر البلورية
        

رسوم: علي فكري

          كان يا ما كان في قديم الزمان فتاة شابة تعيش في قلعة قديمة في أحد الجبال. كانت هذه الفتاة رائعة الجمال لكنها كانت متكبرة للغاية. وكان عدد كبير من العرسان يطلبون يدها للزواج ولكنها كانت ترفضهم وتسخر منهم.

          في أحد أيام الصيف الصافية تقدم إليها شاب أعجبها، لكنَّ كبرياءها منعها من الاعتراف بذلك. وقد حاول بشتى الوسائل أن يجذب انتباهها بأن يغمرها بالهدايا الثمينة ويحكي لها الحكايات وينشد الأغاني، وفي كل مرة كانت ترفض طلبه للزواج منها. كان يتوسل إليها لتقبل به ولكنها في كل مرة كانت ترفضه!

          وفي إحدى الليالي ذهبا إلى ينبوع في الغابة، يتدفق من تحت صخرة. وقالت الفتاة له: أنا أعرف، إنك تستطيع أن تهديني يوم الزفاف عرشا ملكيا. ولكن هذا لا يكفي. أريد بدلاً من الصخرة أن تبني لي بئراً من الأحجار الكريمة. عندئذ سأصبح عروسك. لكن الأحجار يجب أن تكون نقية وشفافة كماء الينبوع.

          بعد ذلك افترقا.

          كانت والدة هذا الشاب ساحرة جبارة. أخبرها الشاب بما طلبت منه الفتاة. لوحت الأم بعصاها السحرية، وفي نفس الليلة صنعت بئرًا من الأحجار الكريمة.

          سموها البئر البلورية لأنها تتلون بألوان قوس قزح.

          في صباح اليوم التالي قالت الفتاة للشاب: لا أستطيع أن أقول شيئاً، بئر جيدة تلك التي شيدتها بناء على طلبي. لكن مازالت لدي رغبة واحدة. لا حاجة لي في البئر من دون بستان. لذا عليك بدلاً من الغابة ونبات العضاة الشوكي أن تزرع بستاناً في الجبال. عندئذ سأتزوج منك.

          أخبر الشاب والدته بما طلبت منه الفتاة. لوحت الأم بعصاها السحرية وتفتحت الزهور من كل الجوانب!

          عندما حل المساء، جاءت الفتاة إلى الينبوع. وجلست عند البئر البلورية، وتلفتت من حولها، فإذا بزهور البنفسج والورود الحمراء قد تفتحت، وتحولت الغابة الكثيفة إلى بستان مزدهر. وتغطت الأرض بالزهور وبين الشجيرات كانت تغرد الطيور.

          بدأ قلب الفتاة يخفق من الفرحة. أقترب منها الشاب، وأرادت أن تخبره بأنها وافقت أن تكون عروساً له، لكنها فجأة شاهدت قلعتها وبدت لها قديمة وخالية من الجمال بجوار البستان الرائع والبئر الثمينة.

          وها هي تقول: هذا البستان جيد. لكن مازالت لدي رغبة واحدة : أريد بدلاً من القلعة القديمة قلعة جديدة وليست عادية إنما تكون مبنية من الياقوت الأحمر واللؤلؤ. عندئذ سأتزوج منك.

          أخبر الشاب والدته بما طلبت منه الفتاة. احتدمت الساحرة غيظاً ولوحت بعصاها السحرية وفي لحظة واحدة اختفى البستان الرائع وكأنما الأرض ابتلعته. وعادت البئر من جديد ينبوعاً في الغابة.

          وفي كل مساء كانت الفتاة الجميلة تأتي إلى الينبوع، وهي في حسرة بانتظار خطيبها. لكنه لم يعد أبداً. وأدركت: أن النزوات لا تؤدي إلى الخير!

 



ترجمة: د. ناصر الكندري