العالم يتقدم.. عجائب الأعماق عبر الغواصة المدهشة: إعداد: رءوف وصفي

العالم يتقدم.. عجائب الأعماق عبر الغواصة المدهشة: إعداد: رءوف وصفي
        

          تغطي المياه معظم كوكب اِلأرض (حواِلى 71%)، وتتمثل هذه المساحات المائية في محيطات وبحار وأنهار وخلجان وبحيرات.. وغيرها.

          والمحيطات هي أكبر هذه المساحات المائية. ومنذ سنوات طويلة يجري العلماء أبحاثهم للتعرف على طبيعة هذه المحيطات والكائنات البحرية فيها، ولكن هناك صعوبات تواجههم وذلك لضخامة مساحة المحيطات الخمسة (نحو 335 مليون كيلومتر مربع) وكذلك أعماقها الهائلة التي قد تصل أحيانًا إلى ما يقرب من عشرة كيلو مترات، والضغط الجبار الذي يتعرض له كل من يصل إلى هذه الأعماق، من أجل كل هذا كانت أبحاث المحيطات تسير ببطء خاصة بالنسبة للأعماق إلى أن تم أخيرًا تصميم غواصة أبحاث أمريكية أطلق عليها «جونسون سي لنك»، يمكنها أن تهبط إلى أعماق المحيطات وعلى متنها أربعة باحثين وهي مزودة بكاميرا رقمية بالغة الدقة داخل صندوق شفاف مقاوم للماء، كما أن بها ذراعًا آلية يمكنها التقاط عينات من الكائنات البحرية التي يمكن دراستها فيما بعد في المختبرات.

          وتم إنزال غواصة الأبحاث «جونسون سي لنك» في المحيط الأطلسى عند جزر «البهاما» بالقرب من الجنوب الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية، ويبلغ طول هذه الغواصة ثمانية أمتار وعرضها ثلاثة أمتار وارتفاعها أربعة أمتار، وتصل سرعتها إلى ميل بحري واحد في الساعة.

كاميرا الأعماق.. «عين المحيط»

          ويمكن لغواصة الأبحاث «جونسون سي لنك» أن تهبط إلى عمق نحو كيلو متر واحد في المحيط، وهناك يمكن للكاميرا الرقمية التقاط صور لم يسبق لها مثيل للكائنات البحرية العجيبة، التي تستوطن قاع المحيط. كذلك أمكن لهذه الكاميرا التي أطلق عليها «عين المحيط» التعرف على الطرق المختلفة التي تجرى بها الاتصالات بين الكائنات البحرية، وكانت تتم غالبًا بواسطة أضواء تصدرها هذه الكائنات، نتيجة لتفاعلات كيميائية داخل أجسامها، لهذا يطلق على هذه الأضواء الغريبة «الأضواء الحيوية».

          وتساعد هذه الأضواء الحيوية أيضًا، في البحث عن الطعام في الأعماق حيث الظلام الدامس، وكذلك لإخافة الحيوانات البحرية المفترسة ومنعها من الاقتراب.

علماء يتحادثون مع الكائنات البحرية!!

          أصدر الباحثون ضوءًا يشبه الضوء الحيوي (من جهاز إلكترونى في مقدمة غواصة الأبحاث)، وكم كانت دهشتهم عندما جاوبتهم الكائنات البحرية بإصدار إشارات بأضوائها الحيوية، وهكذا استطاع الباحثون «التحدث» إلى تلك الكائنات باستخدام الضوء!

كائنات عجيبة.. في الأعماق

          ومن أغرب الكائنات البحرية التي صادفتها غواصة الأبحاث «جونسون سي لنك»، أثناء تجاربها التي استمرت أحد عشر يومًا، وبعض هذه الكائنات لم يسبق مشاهدتها من قبل لأنها تعيش على عمق آلاف الأمتار في المحيط ومنها:

          - سمكة الأفعى: وهي من أشرس الأسماك في أعماق المحيطات، ولونها أسود داكن ولها أعضاء على جانبي جسمها تصدر أضواء حيوية، خاصة فوق زعانفها التي تستخدمها لاقتناص الفرائس. وسمكة الأفعى تكاد أن تكون شفافة، وتتميز بأنيابها الضخمة وبعينيها الكبيرتين اللتين تتمكنان من التقاط أي أشعة ضعيفة، في ظلام الأعماق الحالك.

          - المتساوي الأرجل: حيوان قشري له سبعة أزواج من الأرجل ويصل طوله إلى أربعين سنتيمترًا، ويقضي معظم وقته فوق قاع المحيط يبحث عن المواد المتحللة أو الميتة ليتغذى عليها، كما أنه يقتات أيضًا على أي شيء يهبط من سطح المحيط وكذلك على الكائنات اللافقارية التي توجد عند هذه الأعماق. وإذا تعرض للخطر فإنه يكور جسمه ويحميه بالدروع المنتشرة فوقه.

          - الحبار الخفي: حيوان بحري رخوي، له جسم مستطيل وأذرع محيطة بالفم، ويتميز هذا الحبار بعينيه الكبيرتين للغاية. ويغطي جسم الحبار الخفي أعضاء تصدر ضوءًا حيويًا، وهو يتحكم في بثه أو إطفائه. وفي حالة إطفائه فإن هذا الحبار يصبح خفيًا لا يمكن رؤيته، في الظلام الدامس الذي يسود أعماق المحيط. وتغطي أذرع هذا الحبار بروزات حادة، يستخدمها لاقتناص فرائسه، كما أنه يدافع بها عن نفسه ضد أعدائه.

 



إعداد: رءوف وصفي