أبنائي الأعزاء
ما من شيء حولنا إلا وله بداية ونهاية، ففي ديسمبر طوينا آخر أيام عام 2017، وها نحن نستقبل عاماً جديداً 2018، بأهداف وطموحات جديدة، نتطلّع إلى إنجازها ورؤيتها في الواقع، لأننا نأمل فيها الخير والسلام. وعادة ما تبدأ تلك الأهداف بفكرة، إلا أنها لا تتحقّق إلا بإرادة وعزيمة قويّة وصادقة.
والكثير منّا قد يعجز لِظَرف ما عن تحقيق أهدافه، وتَحُول بعض العوائق والصعوبات بينه وبين خُطَطِه، فيجد نفسه أمام خيارَين، الأول هو الاستسلام واليأس، فيقف طويلاً يفكّر ويحلّل ما حدث، ومن ثم يَيْأس ويتنازل عن أهدافه. والثاني هو التصميم والعزيمة، فيأخذ العِبْرة ممّا حدث، ويكمل طريقه بحزم باتّجاه هدفه. وهذا هو الشخص القويّ القادر على تحقيق كلّ ما يصبو إليه.
في عام 1809، وُلِد طفل ذكيّ ومتفوقّ في دراسته ومحبّ للموسيقى، ألمّت به حوادث جمّة، كان بدايتها تعرّضه لحادث أفقده البصر في إحدى عينيه، ما جعله عاجزاً عن القراءة والكتابة بوضوح كبقيّة الأطفال، ثم أحاطت به ظروف حالت دون إجراء عمليّة جراحيّة تنقذ بصر عينه الأخرى، أي فقد بصره في كلا العَيْنَيْن، وأصبح كفيفاً، فانتقل الى الدراسة في معهد خاص بالمكفوفين، وهناك تلقّى معاملة سيّئة من أحد معلّميه. وعلى الرغم من كلّ ما حدث له، استمرّ في تلقّي العلم والتفوّق، بل وقدّم خدمة لكلّ المكفوفين في العالم بابتكاره طريقة تمكّنهم من القراءة باللمس، من خلال تمرير أصابعهم على رموز ذات نتوءات بارزة. وانتشرت هذه الطريقة بكلّ اللغات، حتى إنّها عُرِفت باسمه (لغة برايل).
أعزّائي، إنه “لويس برايل” الذي خلّد العالَم إنجازه، وجعل من يوم ميلاده الموافق 4 يناير يوماً عالمياً لطريقة برايل في الكتابة والقراءة. وفي هذا اليوم، لكم أن تضعوا أهدافكم نَصْب أعينكم وتنطلقوا لتحقيقها، وكونوا من ذوي الإرادة القويّة، وتذكّروا دوماً مقولة “غاندي”: (القوّة لا تأتي من المقدرة الجسديّة، إنّما تأتي من الإرادة التي لا تُقهَر). وكلّ عام وأنتم بخير.