أبنائي الأعزّاء
سأخبركم بحكاية فيها العزم والطموح لواء وراية, حكاية مَن كان طفلًا صغيرًا, أحبّ السماء وعشق الفضاء, وخلا دومًا بجمال الصحراء, وفي صحراء (ليوا) تحديدًا قضى لياليه متأمّلاً الأجواء الصافية, ومراقبًا للشهب والنجوم العالية. فكّر بجمالها الدائم ونظامها المحكم القائم, فأمسك الكتب واطّلع على علومها, ودرس طبيعتها وقوانينها. أحبّها كثيرًا ونوى بلوغها مهما تعثّر بعراقيلها, وكان له ذلك في 15 من سبتمبر الماضي.
إنّه الطيّار ورائد الفضاء الإماراتي هزّاع المنصوري الذي وُلد في 13 ديسمبر 1983, وعمل بجدّ واجتهاد على حلم الطفولة ليجعله حقيقة وبطولة. فبعد أن تخرّج من الثانوية اِلتحق بكلّية خليفة بن زايد الجوّية, وقضى فيها 5 سنوات دراسية, فتخرّج طيّارًا وعمل بكفءٍ واقتدار, وخضع لبرامج تدريبية في الولايات المتّحدة الأمريكية, وأصبح طيّارًا يقود طيّارات حربيّة. كلّ ذلك لم يُنسِ هزّاعًا حلمه بالفضاء, فانتهز دعوة رئيس الوزراء محمد بن راشد لشباب الإمارات للالتحاق ببرنامج الإمارات لروّاد الفضاء, فسجل فيه, وبعد أن اجتاز سلسلة من الاختبارات حقّق حلمه بعد عناء.
أبنائي الأعزّاء, كلّ واحد منكم بداخله طموح وحلم قد يشبه طموح هزاع, وقد يختلف عنه, لكن عليكم الإيمان به والعمل على تحقيقه برغبة وحبّ مهما اعتراكم التردّد والخوف, وكلّفكم من الوقت والجهد. ولأنّنا على أبواب عام جديد, اكتبوا أحلامكم وأحبّوها, ثم اجتهدوا قدر ما استطعتم لتروها واقعًا بالعلم والثقة بالنفس. يقول الفيزيائي والفيلسوف الفرنسي بليز باسكال: «تكون الحياة سعيدة عندما تبدأ بالحبّ وتنتهي بالطموح». فلْتكن حياتكم سعيدة.