أروع صديقين في العالم

أروع صديقين في العالم

كانَ‭ ‬الجَوّ‭ ‬ممطِراً‭, ‬وكنتُ‭ ‬فوق‭ ‬درّاجتي‭ ‬مُتوجّهاً‭ ‬إلى‭ ‬السّوق‭ ‬لقضاء‭ ‬أغراض‭ ‬أمّي‭ ‬العزيزة‭.‬

لم‭ ‬أنتبه‭ ‬لبِرْكة‭ ‬الماء‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬الطريق‭, ‬فسقطتُ‭ ‬في‭ ‬وسطها‭ ‬شرّ‭ ‬سَقْطة‭, ‬وتلطختْ‭ ‬ثيابي‭ ‬بالوَحْل‭.‬

فبدأ‭ ‬كلّ‭ ‬مَنْ‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬يلومُني‭, ‬ويضحك‭ ‬عليّ‭, ‬ويَسْخَرُ‭ ‬منّي‭, ‬قائلاً‭:

انظروا‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المَعْتوهِ‭ ‬كيف‭ ‬صارَ‭ ‬مُضْحِكاً‭ ‬بالوَحْلِ‭ ‬هاهاها‭...‬

ألا‭ ‬ترى‭ ‬أمامكَ‭؟

تستحق‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬لك‭...‬

يا‭ ‬لَلأسَفِ‭! ‬لمْ‭ ‬يَعُدْ‭ ‬في‭ ‬الناس‭ ‬مَنْ‭ ‬يُساعدُ‭ ‬أو‭ ‬يُعينُ‭. ‬

فجأةً‭, ‬انتبهتُ‭ ‬إلى‭ ‬يَدٍ‭ ‬رَحيمة‭ ‬وهيَ‭ ‬تمتدّ‭ ‬إليّ‭, ‬تساعدُني‭ ‬في‭ ‬مِحْنَتي‭ ‬لأقوم‭ ‬مِنَ‭ ‬الوَحْلِ‭.‬

لقدْ‭ ‬كانتْ‭ ‬يَدَ‭ ‬طفلٍ‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬سِنّي‭, ‬غيرَ‭ ‬أنّه‭ ‬كانَ‭ ‬يجلسُ‭ ‬على‭ ‬كرسيّه‭ ‬المتحرّك‭! ‬مدّ‭ ‬يده‭ ‬إليّ‭ ‬قائلا‭: ‬هيّا‭ ‬معي‭ ‬إلى‭ ‬بَيْتِنا‭, ‬إنّه‭ ‬قريبٌ‭ ‬مِنْ‭ ‬هُنا‭... ‬لا‭ ‬تنسَ‭ ‬درّاجتكَ‭.‬

واصطحَبَني‭ ‬إلى‭ ‬بيتهم‭, ‬وأدْخلني‭ ‬الحَمّام‭ ‬فاغتسلتُ‭, ‬وأعطاني‭ ‬ملابس‭ ‬جديدة‭!‬

في‭ ‬تلك‭ ‬الأوقاتِ‭, ‬كانَ‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬ساحةِ‭ ‬المنزل‭ ‬يغسل‭ ‬درّاجتي‭ ‬ويُنظفها‭ ‬مِنَ‭ ‬الوَحْل‭, ‬حتى‭ ‬أصبحتْ‭ ‬نقيّة‭ ‬لامعة‭ ‬أحسنَ‭ ‬مِمّا‭ ‬كانتْ‭ ‬عليه‭!‬

هُنا‭ ‬عَلِمْتُ‭ ‬بأنّ‭ ‬الخَيْرَ‭ ‬والطيبة‭ ‬لا‭ ‬يرتبطان‭ ‬بصحّة‭ ‬الناس‭ ‬وأشكالهم‭ ‬وألبستهمْ‭, ‬وإنّما‭ ‬بِمَا‭ ‬يوجدُ‭ ‬في‭ ‬قلوبهمْ‭ ‬وعقولهمْ‭.‬

ثم‭ ‬سَلّمَني‭ ‬رقمَ‭ ‬هاتفِه‭, ‬ومنذُ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭, ‬صِرْنَا‭ ‬أرْوَعَ‭ ‬صَديقيْن‭ ‬في‭ ‬العالم‭; ‬نلعبُ‭ ‬معًا‭, ‬وَنمرَحُ‭ ‬معًا‭, ‬ونُذاكرُ‭ ‬دُروسَنا‭ ‬معًا‭,‬‭ ‬ونذهبُ‭ ‬للنّزهة‭ ‬معًا‭!‬