العدد (316) - اصدار (1-2019)

أتعلّم من والدي هدى سعيد

كنت مع والدي في طريق عودتنا إلى البيت، وشاهدت شابًا يجلس على كرسيّ متحرّك، كان منزويًا على جانب الطريق، يمدّ يده في انكسار، ويطلب الإحسانَ من المارّة، وعندما اقتربنا منه لم يُعِره أبي أيّ اهتمام، ظننته لم يشاهده، فأخبرته عن الشاب المسكين، ولكنّ أبي هزّ رأسَه، ولم يتوقّف. احترت في أمر أبي، وفكّرت في السبب وراء تصرّفه هذا، قلت لنفسي.. ربّما ليس لديه ما يكفي من النقود، ولكن ذلك لم يكن صحيحًا، فقد توقَّفنا لشراء بعض الأشياء التي طلبَتها أمي، تملّكتني الحيْرة أكثر، رغبت في الاستفسار من أبي عن الأمر، ولكنّي شعرت بالحرج منه، وعندما اقتربنا من البيت ذهبنا إلى العم «ياسر»، وهو شيخ كبير في السنّ، كان يفترش الأرض، ويضع أمامه بعض الأشياء البسيطة كي يبيعها، مثل الحلوى، والمناديل، والكبريت، وقد ابتاع منه والدي الكثيرَ من هذه الأشياء، ثم ودّعناه وهو يدعو لنا بالصّحة وطول العمر.