العدد (500) - اصدار (7-2000)

مرفأ الذاكرة طيب تيزيني

لعل الذكرى الأولى من طفولتي الباكرة، تتمثل في حدث مؤلم ألم بي. فقد كان من العادة أن تخزن العائلة مئونتها السنوية من عصير الحصرم، بعد غسله وغليه ممزوجاً بكمية كافية من الملح، وصبه بعد ذلك في طبق نحاسي كبير يبرد فيه تهيئة لتعبئته في قنان أو علب مناسبة. ومن طرفي، كنت ذات يوم من أيام ذلك العمل المنزلي- وربما كان عمري آنئذ بحدود الخامسة- ألعب لعبة "الغميضة" وحيداً في ساحة منزلنا "العربي" ، مستمتعاً بقدرتي على الخطو الحذر الوئيد والمفعم بألوان ساذجة زاهية من التخيل