العدد (452) - اصدار (7-1996)
كيف لي أن أواسي الحياة ؟ كيف لي أن أرد إليها الورود التي أذبلتها المحن ؟
ما كان يمكن لكتاب "في الشعر الجاهلي" طه حسين إلا أن يستقبل استقبالا عدائيا من مجموعات قرائية مختلفة، تلقت الكتاب متربصة مترصدة، مستفزة سلفا، لأسباب متعددة وعوامل متباينة. أول هذه الأسباب والعوامل سياسي يرتبط بالخصومات الحزبية التي اضطر إليها طه حسين، منذ أن انحاز إلى الأقلية الأرستقراطية التي انطوت على أفكار الليبرالية الأوربية، ووجد فيها ملاذه السياسي الاجتماعي، وحلمه الثقافي، فانضم إليها في المطالبة باسترداد حقوق الأمة الطبيعية: الحرية والدستور، في مواجهة السلطة المطلقة للحاكم والسلطة الفعلية للمحتل، ثم انضم إليها في صراعها الذي قاده عدلي يكن، في مواجهة المد الجماهيري المتدافع لأبناء الطبقة الوسطى الذين التفوا حول زعيمهم سعد زغلول .
انطوى زمن.. وابتدا زمن.. وهو اك كما كان: يرزح بينهما،
تسير السيارة بأقصى سرعتها، ويزمجر المحرك في صمت الغسق المنتشر. لقد سقط مطر خفيف. ثمة بقع من الماء على ذلك الطريق، الذي يخترق الدغل، ويمر بجسر خشبي مهتري، وبأراض محروثة حديثا، ويحاذي عدة قرى مبنية بالطين، قبل أن يصل إلى المدينة.في الخلف من السيارة كان الرجل والمرأة، وابنها كان يغفوعلى المقعد إلى جانب السائق. الرجل كان يحيط بيده أصابع المرأة. وكانت تتركه يداعب أصابعها بلطف دون تفكير.
كل ما كان يعيه أنه يجلس وراء طاولة مديدة، وفي حوزته كتابان: آخر ما صدر من تآليفه، ومرجع عام استعاره توا من مكتبة الجامعة، وتحت يده أو راق بيض، يخط في كل ورقة أسطرا نزقة، محاولا التعبير عن ظلامته، ثم ما يلبث أن يمزقها، ليشرع في الكتابة من جديد.وما كان ليخامره شك قط، وهو في هذه القاعة وحيدا، أنه حر طليق، إلى أن مثل أمامه، فجأة، شاب طلق المحيا، تفرس في وجهه لحظة، ثم انعطف نحوه بأدب جم خيل إليه معه أنه واحد من طلابه الأو فياء، وسأله: "حضرتك المواطن "س"؟.
أحب أن أجالس الأغراب لأنهم يمضون لا يتركون حزنهم
"ونظرت في خزان الذاكرة فوجدتها تنثال حاكية قصة الجد القديم، تلمست الجلد، حككته فانبثق دم، سال، تشكلت خطوط، ترتبت سطور، توالت قصص، نحتت صخور، قطعت أشجار، تجمعت مجلدات، تجردت أفكار فاستوى تاريخ يشدني شدا فتنخلع كتفاي. دار رأسي، فاستسلمت".هذه عبارة افتتاحية، صدر بها سليمان الشطي آخر قصص مجموعته، فكأنما جعلها بابا يفتح على نمو ذجين من نماذج "الخناجر النادمة" - وما أكثرها في تاريخ الصراع البشري - قابيل قاتل أخيه، وعبدالسلام، أو "ديك الجن الحمصي" قاتل جاريته، أو غلامه، أو كليهما.
حين تراكمت الخسائر وبدأت الشركة في الانهيار، كان من الطبيعي أن يقاسمني شريكي الخسارة ونفض الشركة، ويذهب كل إلى حال سبيله. لكنه تشبث بي لسبب غامض عارضا أن يتحمل الخسارة وحده. ولسبب أكثر غموضا رفضت عرضه وقررت الاحتفاظ لنفسي بملكية الشركة الخاسرة. احتدم بيننا الجدل وتساءل:- لماذا لا تنفصل أنت وأشتري نصيبك ؟تعجبت لمنطقه المعكوس الذي لا يخالف في حقيقته منطقي أنا الآخر: شريكان يتشبث كل منهما بتحمل الخسارة سواء بمفرده أو مناصفة مع الآخر.
دينا التي لاعبتها وهي طفلة، ما زال ماثلا لدي صوتها الملعثم،