العدد (433) - اصدار (12-1994)
ذلك الطير الخرافي النداء
لماذا تأخـر - سيـدي - عن الحضور حتى هذه الساعة لاستلامي؟! هل عدل عن استقبالي؟! لا أدري ما الذي ينتظرني؟! الخوف ينهش قلبي! ماذا لو لم يجئ؟! إلى أين أولى وجهي؟! هل سيرجعـونني إلى بلدي؟! الظلام بدأ يهبط خارج قاعة المطار.. كأني أشعر بثقل ذلك المساء! كـان حارا ورطبـا، وقد تعرفت جدران حجرتنا الطينية. تخثر هواؤها، تشبث يلتصق أركـانها الكابية..
في 11 ديسمبر عام 1911 كان ميلاد أديبنا العربي الكبير. لقد بلغ هذا الشهر - بعد نجاته من حادث الاعتداء الأثيم - عامة الثالث والثمانين ولايزال يمثل قمة أدبية شامخة تثري حياتنا الأدبية إن "العربي" تهنئ الكاتب الكبير تقدم جزءا من تجربته العريضة وتغـوص به في ذكـريات الطفولة وسنـوات تكون الوعي.
الشاعر أبوسنة واحد من أعذب الأصوات الرومانسية وأصفاها في شعرنا العربي المعاصرة، فهو فارس رومانسي لا يزال قادرا على الحلم في زمن عزت فيه حتى القدرة على الحلم، حيث يفيض شعره بكل نبالة الأحلام الرومانسية وكل جلالها دون أن يغرق في دوامات تهويماتها الهروبية السلبية.
وهكذا انطلقا أخيرا. إنه أمر واقع الآن. الذهاب نحو المجهول. سريعا ما خلفا الحدود وراءهما. "هيا، إمر. دع إتوشكا تر البحر!. " قال له فينتس أرنيداش في البداية اعتقد أن فينتس كان يشاكسه فقط "ما فائدة رؤيتنا البحر؟. إنه مجرد مياه. لماذا علينا أن نبحلق في المياه؟.". "لكنه مع ذلك بحر يا إمر، أليس كـذلك؟. وإتوشكا لم يسبق لها أن رأت مثل ذلك الامتداد الهائل من المياه. اذهب، دعها تره وإلا فما فائدة امتلاكك سيارة؟".
أقرأ عيني وأعرفني