العدد (708) - اصدار (11-2017)
كيف يمكن أن ننظر فلسفياً في موضوع «الدولة المدنية» باعتباره موضوعاً آنياً، وجزءاً من الصراع الثقافي والسياسي في الفكر العربي؟. ثمة موقفان فلسفيان يرى أحدهما أنه يجب على الفلسفة ألا تتدخل في موضوع الآني واليومي والحاضر، وذلك لعدم اكتماله، ولأن معرفة حقيقته تحتاج إلى مسافة، لم يتردد الفيلسوف بول ريكور، في المطالبة به، مستحدثاً بذلك مصطلحاً غريباً، ولكنه يؤدي الغرض وهو «التماسف». وسنده في ذلك، تشبيه هيغل للفلسفة بطائر «منيرفا» الذي لا يظهر إلا عند الغسق، أي عند اكتمال الوعي والروح والفكرة.
معظمنا، إن لم يكن كلنا، نعرف ما سعى إليه الفرنسيون في أواخر القرن التاسع عشر (1798) من غزو لمنطقتنا، بدأ بمصر، ثم اتجه إلى فلسطين، بدعوى نشر التحديث في بلاد طال عليها التخلف، وفشلت الحملة لأسباب متعددة، وشاب دعاواها في التحديث ما رافقه من قوة عسكرية طغت وتكبرت، فضلاً عما دمرت وخربت.