قام محمد بن محمد الشريف الإدريسي, من سبتة, في سنة 549هـ/1154م بناء على طلب مضيفه ملك النورمان روجار الثاني بصنع خريطة للعالم وكتاب جغرافيا شاملة للعالم مع 70 خريطة جزئية. إن خريطته للعالم المستديرة والمحفورة في طاولة من فضة كسرها الثائرون على خلف روجار سنة 555هـ/1160م وتقاسموها قِطَعاً فيما بينهم. ومخطوطات الكتاب المحفوظة تحتوي نسخاً من خريطة العالم والخرائط الجزئية السبعين

إن الذي تحصل من كلام الفلاسفة وجلة العلماء وأهل النظر في علم الهيئة أن الأرض مدورة كتدوير الكرة والماء لاصقٌ بها وراكدٌ عليها ركوداً طبيعياً لا يفارقها, والأرض والماء مستقران في جوف الفلك كالمحة في جوف البيضة ووضعهما وضع متوسط, والنسيم محيط بهما من جميع جهاتهما, وهو لهما جاذبٌ إلى جهة الفلك أو دافعٌ لهما والله أعلم بحقيقة ذلك. والأرض مستقرة في جوف الفلك وذلك لشدة سرعة حركة الفلك

يعد الشريف الإدريسي: أبو عبدالله محمد بن محمد بن عبدالله بن إدريس الإدريسي الحسني الطالبي (493 - 560هـ = 1100 - 1165م): نموذجاً رائداً للمثقف الانسكلوبيدي في القرون الوسطى من حيث تعدد مصادر المعارف وسعتها وشموليتها, فهو مؤرخ وأديب وعالم بالنبات وبالطب إضافة إلى شهرته الذائعة لكونه من أكبر علماء بالجغرافيا, وبالتأكيد إن تصميماته لصورة الأرض وخريطته الشهيرة تضفيان على معارفه صفة تصويرية وموهبة إضافية