العدد (533) - اصدار (4-2003)
لا تبني العصافير أعشاشها فوق سرو المخيمليس للمخيم سرو أو عصافيرليس للطيور أجنحة
الوجه الملازم لأصالة الكتابة عند يوسف إدريس هو التجريب الذي يمضي الكاتب في فضائه دون قيد أو شرط إلا قيد الحرص على أصالته, وشرط تجذير هويته الإبداعية التي هي منطلق تفرده.
آلت التجربة الروائية العربية خلال قرنها الأول المنصرم إلى تسيّد الحداثي. وفي السبيل إلى ذلك كان التجريب هو العلامة الفارقة. فحتى التقليدي جرّب أن يمتصّ من الحداثي, ولقد جرّب الحداثي أن يمتص من التقليدي, وهذا ما سميته منذ عقدين: تقليدية الرواية الحديثة - الحداثية. على أن التجريب كان بخاصة سمة الحداثي, سواء بتقفّيه واستثماره للمنجز الروائي الغربي, أم بتقفّيه واستثماره للمنجز السردي التراثي, وقبل ذلك وبعده الكثير.
الكتّاب الكبار لا يموتون. تغيب أجسادهم وتبقى أرواحهم تشع من خلال السطور والحروف, وهذا هو الحال مع غالب هلسا الذي نستعيد قراءة صفحات من روايته.
(جاء في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني في (أخبار معبد) أنه أنشأ أصواتا اشتهرت باسم مدائن معبد أو حصون معبد, وكان يباهي بها الحصون المنيعة التي افتتحها محمد بن القاسم في الهند).
ناوشني قلق, وأنا أمضي نحو صفوف الطلاب, من أن يرفضوا الفكرة من أساسها, أو أن يسخروا منّي - ولو على نحو مضمر - ويستهزئوا بعرض الموضوع عليهم, إذ لم يحدث من قبل أن جرّبت معهم أمراً كهذا, ولا خبرت, بالتالي, آراءهم فيه, وردود أفعالهم عليه, مما دفعني للتفتيش عن صيغة للكلام معهم تعرض ما وافقنا عليه في إدارة المعهد, من دون أن تقطع عليّ خطّ الرجعة!
أعدُّوا لنا ما استطعتمْمِنَ الماءِ والخيلِ واللّيلِنحنُ على سَفَرٍ عاجلٍ
قد يحدث لك هذا غالبا في دار السينما حين تدخل القاعة المظلمة متأخرا وتجد الشريط في منتصفه, والممثلين يتحركون ويتحدثون عن أشياء فاتك أولها, نقر المطرقة على المنصة يطلب الصمت من الجمهور المحتشد داخل قاعة تشبه قاعات المحاكم, وتندهش حين تدرك أن صاحب المطرقة يخاطبك من دون الحاضرين: -