العدد (496) - اصدار (3-2000)

شعاع من التاريخ سليمان مظهر

كنوز كليوباترا المفقودة كثيرة هي القصص التي تروى عمّا يسمّونه (غراميات وانتحار كليوباترا) ملكة مصر البطلمية, وهي كلها جادت بها قرائح الكتّاب وخيالات المؤلفين, وكتّاب الطليعة من مختلف الجنسيات أمثال بوتارك وشكسبير وبرناردشو وإميل لودفيج وبارنجتون وغيرهم, ولكنهم في الحقيقة ابتعدوا في أغلب الوقائع عن التاريخ الحقيقي, إذ استهوتهم غرامياتها ومأساتها, فراحوا يدورون حولها كل حسب أهوائه, وهكذا انقسموا إزاءها إلى فريقين: فريق يرى فيها حية رقطاء وامرأة تلهبها شهوة الجسد, وفريق يرى فيها ملكة ممتازة بما أوتيت من وطنية وروح عالية وطموح منقطع النظير, وكثرة هذه السير تزيد تاريخها إبهاماً بدلاً من أن توضحه, حتى صار يشق على المؤرخ استخلاص الحقائق من الأوهام, ولكن ماذا يقول المؤرخون المتخصصون في وطنيتها وانتحارها وأسرار كنوزها المفقودة؟

جمال العربية فاروق شوشة

لغة الهمس حين أطلق الناقد الكبير الراحل الدكتور محمد مندور مصطلحه النقدي الشهير (الشعر المهموس) كانت قصائد الشعر المهجري ونماذجه الرفيعة ـ لجبران وميخائيل نعيمة وإيليا أبي ماضي وغيرهم من شعراء الرابطة القلمية والعصبة الأندلسية ـ أمام عينيه وتحت مجهره النقدي، وكانت اللغة الشعرية التي استحدثها شعراء المهجر الأمريكي مغرية بسك هذا المصطلح وتطبيقه على نماذج أخرى سلمت من الوقوع في المباشرة والخطابية والنبرة العالية وحققت بالهمس النافذ إلى الأعماق والمحرك لطبقات الوجدان ما لا يحققه هتاف زاعق أو بيانات شعرية صاخبة.

واحة العربي محمد مستجاب

الفَصْـل بين الخديعة والأدب والمناورة أشدّ الأمور صعوبة في حياتك - دعك من حياتي الآن - تلك المحاولة الدائبة كي تنفصل عمّا يحدث حولك بعض الوقت, ثريّاً كنت أو فقيراً, بسبب هذه الفصائل المداهمة - أو المحاصرة - لك: عيال وأصوات ومسلسلات تلفزيونية وفصول باردة من أصدقاء ذوي نوايا حسنة دائماً, غير أن الأمر لن يكون بالغ الجودة إذا ما انتحيت جانباً ليغمرك السكون الهادئ, على ضفة نهر أو بحر أو محيط أو كتاب أو موسيقى أو إمعان في لوحة بالغة الرواء, أو وجه - ذي عيون متألقة لأنثى تود أن تسمع رأيك - وهي تتراقص - في تفصيل فستانها أو فصلها الدقيق بين حركة أهدابها, وما يدور في ذهنك, وهذا الفصل الدقيق هو نوع من الشحن الإنساني الحيوي الذي يصل أوجه الفن في انتقال حركة الحياة أو المسرحية - أو الرواية - أو الأمنيات من فصل إلى فصل, ولا تستطيع الجيوش - بأساطيلها ومدافعها وقنابلها وصواريخها وقدراتها المروعة أن تأخذ من الفصل: سوى الفصيلة - بعدها يمكن استخدام الفصل المُتعسّف - حين تريد القوى المسلحة - بين الشعوب وأمنياتها, أو حين يجد قائدها نفسه معزولاً أو مفصولاً يسعى لكتابة مذكراته بعد ذلك بعدة قرون, لتتحول الفصيلة - إلى فرقة أو لواء أو أي حشد عسكري من هذا القبيل.

معرض العربي خالد عبدالمغني

"فان دونجين" .. تطويع اللون للتعبير وُلد (فان دونجين) في هولندا لأسرة متوسطة الحال, وعندما بلغ الثانية عشرة من عمره, هجر المدرسة, وعمل مساعداً لأبيه في مصنع لتخمير الشعير, وكان يلجأ للرسم والتدرّب على التلوين في أوقات فراغه في صباح كل يوم, وفي الخامسة عشرة من عمره, سمحت له أسرته بعد المعارضة - في بادئ الأمر - بالالتحاق بأكاديمية روتردام للفنون الجميلة, وهناك صُقلت موهبته, وتشكّلت مداركه الفنية.

إلى أن نلتقي فاطمة حسين

ما بين الحلم والواقع لكم أعترف, بأنني كلما تصفحت مجلة (العربي) يخيل إلي بأنها تكاد تكون الساحة الوحيدة التي يلتقي فيها المواطنون في سلام ووئام, في هذا الوطن العربي التعيس, هذا إن لم تكن فعلا هي الساحة الوحيدة. يبين لنا ذلك اننا قد نكون شعب (لسان) أو شعب (قلم وورق), ولكننا قطعا لسنا شعب فعل وتطبيق.

تراث عربي محمد رجب النجار

حكايات الحب في التراث العربي لا جدال في أن الحب ـ باعتباره عاطفة إنسـانية ـ قد حظي في تراثنا العاطفـي ـ فكريا وجماليا ـ بالنصيب الأوفى والأوفر، الأمر الذي تؤكـده كثـرة المؤلفات التراثيـة التي عنيت برصد هذه العاطفـة، وتسجيل أثرها البالغ في النفس البشرية على نحو ما يتجلى في هذا التراث الضخم في آثارها الشعرية والسردية والدينية والصوفية والفـولكلورية، وعلى نحو ما ترك أيضا ـ في ضوء الدراسات الاستشراقية ـ من تأثير إيجـابي في الآداب الغربـية، إلى الحد الذي قال معـه السـير هاملتون جب ـ شيخ المستـشرقين الإنجليز ـ عن تراثنا العاطفي إنه قدم للإنسانية (نظـرية حب أخلاقية هـي رسالة بلاد العرب للعالم).