العدد (785) - اصدار (4-2024)

النِّضال من أجل الحياة عبدالهادي شعلان

لك أن تتصور امرأة وحيدة، في بطنها جنين يوشك على الخروج للحياة، محبوسة داخل صندوق حديدي مثقوب يحيطه ماء المحيط الهادر من كل اتجاه، ويحيطها الماء داخل الصندوق... صندوق عائم في قلب المحيط الشرس داخله حياة وخارجه موت، تريد المرأة أن تُنْقِذ الحياة التي تتحرك داخل بطنها، بينها وبين الموت جدار حديدي مثقوب تنفد منه ملوحة الماء لتغرقها من الداخل والخارج، تحمي المرأة الحياة التي في بطنها بجدار من لحم ودم، تريد أن تستخرج الحياة من أعماقها وتُنْقِذ جنينها من موت محقَّق، والماء يحيط الماء، يحيط المرأة الماء داخل الصندوق، والجنين يحيطه الماء داخل الرحم، والصندوق يحيطه ماء المحيط الشرس، الجنين يحيطه ماء الحياة، وفي الخارج ماء الموت، هل سَتُخْرِج المرأة جنينها من ماء الحياة لماء الموت؟! هل ستستطيع تجاوز غلاف الماء الذي يحتويها؟! هذا ما سوف تشاهده عند متابعة الفيلم الإسباني (Nowhere ليس في مكان ما) المنتج في سبتمبر 2023 من إخراج: ألبرت بينتو، بطولة: آنا كاستيلو، تامار نوفاس.

الرسّامون الانطباعيون والشرق د. جان جبور

حين بدأت الانطباعية تشقّ طريقها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، كانت الرومانسية هي التيار الغالب في الآداب والفنون، وهذا ما أعطى زخمًا كبيرًا لأدب الرحلة نحو الشرق وللرسم الاستشراقي. صحيح أن الرومانسية واجهت العديد من الصعوبات ووُجّهت إليها سهام الانتقاد، خاصة حين لاح في الأفق تيار مناقض عُرف بالواقعية، كان على رأسه غوستاف كوربيه (1819-1877) Courbet الذي صاح يومًا بوجه أحد الرسّامين الاستشراقيين الشباب: «قلْ لي بربك، أليس لك وطن ترسمه!». إلا أنها كانت في كل مرة تعود زاهية منتصرة، إلى أن عانت ومعها الاستشراق من الإجهاد في نهاية القرن، مع تطوّر المواصلات وسهولة السياحة، بالإضافة إلى انتشار التصوير الفوتوغرافي الذي بدأ يشيع عن الشرق صورة مغايرة تمامًا لما رسمه الفنانون.