العدد (489) - اصدار (8-1999)
لقد أضاءت الكلمات ظلمة أيامه. وقادت رحلته الطويلة من تلاوة المراثي على الذين رحلوا إلى مقاومة عسف الذين بقوا. كان عبدالرزاق البصير . كدأب كل من ابتلاهم القدر بامتحان العاهة . قوي الإرادة محبا للحياة ونزاعا للتجديد والمثابرة وقد أضاف للأدب الكويتي لمسة من الغضب والرقة كان يفتقدهما. وهذا الملف الذي تقدمه العربي هو ذكرى متواضعة وفاء للراحل الكبير
"الحضور الجميل" هو الانطباع المبكر الذي يشعّه شخص عبدالرزاق البصير في أي مجلس خاص أو عام يشهده، والاطمئنان إلى الصحبة، والثقة في الإفضاء محصلة نهائية أكسبته صداقات ومودّات بمساحة الوطن العربي، فأثبتت أن المثقف الحقيقي ليس كلمة على الورق وحسب (بزعم أن هذا هو ما يبقى) إنه إيمان داخلي يؤازره سلوك معلن... قبل الكلمة، وبعده
وهكذا الحياة حضور وغياب ومزيج من البؤس والنعيم والدمع والابتسام، فما علينا إلا التأمّل العميق، وعزاؤنا أن نلتمّس ذكرى الراحلين هؤلاء الذين وهبوا الكويت والعرب حبّهم وجهادهم ونضالهم، وتركوا لنا آثارهم المطبوعة في كتب قيّمة، نحيا معهم ونتدبرّ معاني جميلة توجّت مسيرتهم، ونتفهّم دورهم الريادي وعطاءهم الزاخر بلا حدود
في زيارته الأخيرة للبنان، جمع بيننا هذا اللقاء الذي لم أكن أدري أنه الأخير، وأن هذا الحوار سوف يصبح أشبه بوصاياه الأخيرة. يؤلف هذا الحوار مدخلاً إلى سيرة الأديب الكبير الراحل عبدالرزاق البصير وأدبه، ففيه يتحدث عن جوانب من سيرته: عن دخوله مبكراً حلبة العمل السياسي وهو دون العشرين من عمره، إلى أن ساهم بعد ذلك في تأسيس كتلة الشباب الوطني في الكويت وصار خطيباً لها، ويعرض، ربما للمرة الأولى، لأثر العمى الذي ابتلي به في حياته، وعمّا يجمعه بأدباء عرب في القديم والحديث كانوا أيضاً كفيفي البصر كأبي العلاء المعري وبشار وطه حسين