العدد (745) - اصدار (12-2020)
في أول إشارة إلى أهمية مظهر الطعام في الذوق البشري، ذُكرت في مجموعة الطبخ الرومانية التي تعود إلى القرن الأول الميلادي، والتي تحمل عنوان أبكيوس، العبارة التي تقول إن الناس «يأكلون بأعينهم». وهذا ما أكدته بالفعل مجموعة من الدراسات الحديثة التي وجدت أنه، على عكس المنطق الظاهر الذي يفترض أن الفم المليء بالمستقبلات الذوقية، الذي تدور فيه عمليات القضم والمضغ والبلع هو الذي يحدد مذاق الطعام وينقل المعلومات إلى الدماغ، فإن ثمانين في المئة من جميع الانطباعات المتعلقة بجودة الطعام وطبيعة مذاقه تتم بواسطة البصر، أي أن أعيننا هي التي تقود الطريق وألسنتنا هي التي تتبعها.
ما انعكاساتُ «التعليم عن بُعد» على الطلبة نفسيًا وتربويًا؟ سؤال يبدو بدَهيًا في ظل تداعيات جائحة كورونا، وانعكاس تأثيرِها على مختلف جوانب الحياة، لكن التركيز على التعليم تحديدًا له أسبابُه، التي من أهمها أنّه يمسّ شريحة واسعة من المجتمع؛ فئةَ المتعلمين في مختلف المراحل، بدءًا بالروضة وانتهاء بالطالب الجامعي. لا نسعى إلى تناول موضوع التعليم عن بُعد وما يعتريه من إشكاليات ومعيقات؛ فالحاجة إليه جاءت ملحّة في ظل الجائحة التي اجتاحت العالم دون تمييز، وهذا جانب تركّز عليه وزارات التربية والتعليم باعتباره تحديًا جديًا وواجبًا ومسؤولية عظيمة، إنّما نتناول الجانب الآخر الذي لا يبدو في دائرة الاهتمام، وهو انعكاسات التعليم عن بُعد على الطلبة نفسيًا وتربويًا.
تكاد صورة مثقف الألفية الثالثة عامة، و«المُؤدْلج» خاصة، في بعض أحواله، أن تكون صورة كائنٍ خُرافيّ، ربما لأنه يقول الشيء ويفعل عكسه، وينادي في الأسماع بكل جديد، والجموع الغفيرة ماضية عنه، لا تلوي على شيء، وتُصيخ السمعَ إلى لسان حالها «ماذا قال آنفًا»؟!