العدد (576) - اصدار (11-2006)

وفي الليلة الظلماء يفتقد.. أبو فراس الحمداني سعدية مفرح

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر. وكان شاعرنا بدرا حقيقيا في سماء الشعر الحقيقي، وفي زمان الشعر الحقيقي أيضا، إنه الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي، أو أبو فراس الحمداني الشاعر الأمير، والفارس الأسير، المولود في الموصل سنة 320 هـ / 932 م ـ والمتوفى في حمص سنة 357 هـ / 967 م، والذي مارس حياته القصيرة نسبيا شعرا ونثرا في رحاب القصيدة والميدان، فارسا وشاعرا لا يشق له غبار، في المجالين اللذين بهما تكتمل صورة الرجل في ذلك الزمان العربي الغابر

مطر الجراد عدنان مصطفى

عقب انقضاء ما لا يقل عن ربع شتاء بلاد الشام لم تسقط قطرة مطر، الأمر الذي أعطش الضرع وجفف الزرع، ولهذا توجه الفقراء والمظلومون لخالقهم بصلاة الاستسقاء، فرفع عنا الضر بالماء في صباح 24 / 12 / 2005، علمًا بأنه سبق لموظفي السلطات الدينية أن بحثوا كثيرًا في نشرات الطقس الإقليمية عن وقت يتأكدون فيه من سقوط الأمطار في أعقاب قيادتهم لصلاة استسقاء ما، وذلك إثباتًا لوجود بركاتهم

مكتبات ماديسون جابر عصفور

كانت مكتبة الجامعة أكثر الأماكن التي داومت على زيارتها والعمل فيها طوال الأشهر الاثني عشر التي عملت فيها بجامعة وسكنسن - ماديسون. وكان يُسمح للأساتذة باستعارة ما شاءوا من الكتب، وتخصص الجامعة لمن شاء منهم إحدى الكبائن التي تضم طاولة للكتابة وعددًا من الأرفف التي يضع عليها كل أستاذ الكتب التي يستخدمها، وله الحق في استخدام آلة كاتبة، إذا أراد، ولم يكن الكمبيوتر ومباهج الإنترنت العلمية قد عرفت بعد. وقد حصلت على إحدى هذه الكبائن التي كتبوا اسمي عليها

أختي فوق الشجرة (قصة قصيرة) وليد معماري

خرجت أمي من الليوان إلى أرض الدار، ونادتْ دون انتظار ردٍّ من أختي هدلا: صار وقت الإفطارِ يا هدلا. ولم تولِ أمي انتباهاً إلى أن هدلا كانت تنزلُ زاحفة، نحو الخلف على الدرج، وهذه كانت طريقةُ ابنتها في النزول، وفي الصعود من، وإلى عليتها. كانت هدلا تضحك بصوت أبله متهدج، وقد اعتدنا على ضحكاتها، وأكثر من هذا، حين فقدت هدلا الكثيرَ من قوة عضلاتها، وفقدت القدرة على التعبير بنطق سليم ومتوازن، لم يبقَ لها من وسيلة للتعبير عن انفعالاتها سوى الضَّحك

الرسالة (قصة مترجمة) مارك هواسكو

كنت أنتظر رسالة. لم يكتب لي أيّ كان رسالة. لم أكن أملك أي شخص مقرّب، لا هنا، ولا في الوطن، ولا في أي بقعة في العالم. كنت شخصًا مسنًا وحيدًا. وليكن، قلت في نفسي غير مرة، فمن غير الممكن، أن يمتلك الجميع أشخاصًا مقربين، هذا أمر طبيعي، ثم إن الناس الوحيدين ضروريون أيضًا كي يفهم الآخرون كم هي الوحدة أمر مرعب، ويحاولوا حماية أنفسهم منها

صورة أخرى (قصة × صفحة) حنان بيروتي

بأستذة اعتادها توجه له والده بسؤاله المكرور دون أن يبدي اهتماماً حقيقياً وربما دون أن ينتظر ليسمع الإجابة: وكيف علاماتك؟! أجاب بصوت حاول أن يجعله متزناً قدر الإمكان: تمام ! … تمام الحمد لله ! وصمت بأسى وهو يراقب والده يغادر لشئونه، يشعر بأنه وحيد، صحيح أنه يعيش وسط عائلته، والديه وأخوته، لكنه وحيد إذ ليس ثمة تواصل حقيقي بينه وبينهم غير بضعة حوارات مبتورة مع أخيه الذي يصغره بثلاثة أعوام لكنه لا يفهمه تماما، أما أخواته البنات فهن همّ عليه