ملتقيات العربي

ندوة الغرب في عيون عربية

كلمة رئيس تحرير العربي

كلمة رئيس تحرير مجلة العربي
الدكتور سليمان إبراهيم العسكري

           معالي وزير الإعلام الشيخ أحمد الفهد الأحمد الصباح
الأخوات والإخوة..

          أرحب بكم جميعاً، وأشكر لكم حضوركم ومساهمتكم في هذه الندوة التي تطرح موضوعاً أصبح يشغل مساحة متزايدة الاتساع من اهتمام المثقفين والناشرين وكل المهتمين بالثقافة العربية.

          وتأتي هذه الندوة في إطار مناسبتين مهمتين: أولاهما تلك الفعاليات والأنشطة التي تقيمها الكويت كعاصمة للثقافة العربية عام 2001.

           وفي هذا السياق تمثل ندوتكم هذه إضافة متميزة وتعزيزا فكريا وعلمياً لتلك الفعاليات.

          ولقد كانت مجلة العربي هي اللبنة الأولى التي أرستها الكويت في مشروعها الثقافي الذي انطلق في أواسط الخمسينيات وظل مستمراً ومتواصلاً حتى يومنا هذا بتوجيه دائم ورعاية فائقة من حضرة صاحب السمو أمير البلاد وسمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء يحفظهما الله وهو مشروع كان كبير العائد، عظيم الفائدة. ويكفيه أنه قد قوّى أواصر الترابط الروحي والقومي بين الكويت وأمتها العربية.

          والواقع أن خدمة الثقافة العربية مثلت دعماً للهوية وبحثاً عن الشخصية والانتماء والتحوّل من دولة في أطراف العالم العربي جغرافياً إلى دولة في قلب هذا العالم تتفاعل معه وتنفعل به ثقافيا وسياسياً واقتصادياً.

          أما المناسبة الثانية فهي أن مجلة العربي ـ وقد اجتازت حتى الآن مسيرة مبدعة عمرها ثلاثة وأربعون عاما، ظلت على مداها في موقع المجلة الثقافية الأولى على الصعيد العربي ـ تعد للدخول في مرحلة جديدة من تطورها، وهي مرحلة النشر الإلكتروني. وتلك مرحلة جديدة ومتقدمة بكل المقاييس سوف تحمل هذه المجلة العريقة عبر النبضات الإلكترونية إلى كل مكان في هذا العالم.

          في هذا الإطار، جاءت أهمية الندوة التي نبدأ اليوم أولى جلساتها، فالثقافة العربية تقف الآن في مفترق طرق، إما أن تؤكد فيه هويتها وأصالتها، وتتحول إلى ثقافة فاعلة ومؤثرة،وإما أن تفقد دورها وجذورها وتصبح ثقافة هامشية محكوما عليها بالعجز والزوال، فالعالم يتحوّل الآن في ظل قوانين العولمة وآلياتها الجائرة إلى قرية كونية يحكمها نمط ثقافي سائد. ولا تكمن خطورة هذا النمط الثقافي في سيادته فقط، ولكن في جاذبيته وفي استعانته بأحدث المبتكرات التقنية كي يبهر العيون ويشل الأذهان. إنها ثقافة الغالب التي يولع المغلوب دائما باتباعها كما يقول شيخنا ابن خلدون في مقدمته.

          ولا بديل أمام ثقافتنا العربية سوى أن تقبل هذا التحدي وأن تنتزع لنفسها، بالإبداع والمواكبة، مكانة وسط هذه الساحة التقنية التي لا تكف عن التطور. وتلك المكانة لن تتأتى إلا بجهد عقلي يلاحق مراحل هذا التطور ويكسر الاحتكارات التي تهيمن عليه.

          لا يخفى عليكم أيها الإخوة والأخوات أن هذه التقنيات الجديدة مازالت بعيدة عن متناول أيدينا وأننا نتعامل معها من موقع التابع والمتلقي لا من موقع المشارك والمؤثر. ولن تجد ثقافتنا مكانا لائقا لها إلا عندما يتغير ذلك الوضع الذي لا يليق بها وبنا. فنحن في حاجة إلى استثمارات توجه إلى هذا المجال، وإلى جهود كبيرة ومتصلة من أجل التعريب ووضع البرمجيات اللازمة. وفي نهاية الأمر في حاجة إلى حوار عربي خلاق يجعلنا نواجه رياح العولمة دون أن تعصف بنا.

          ولعل هذه الندوة وما تضمه من أبحاث ومناقشات تكون بداية جادة على طريق تلمس التحديات التي نواجهها في هذا المجال، وتسليط أضواء أقوى على الضرورة الملحة لتحقيق تلك النقلة النوعية الهائلة لثقافتنا ولغتنا ـ عبر اتساع ممارساتنا لأنشطة النشر الإلكتروني ـ التي تضعهما في موقع واحد مع الثقافات العالمية السائدة الآن، وتفتح أمامهما فرصة التلاقي والتفاعل مع تلك الثقافات من جانب، وتعيد من جانب آخر ربط الملايين من العرب في المهاجر بثقافتهم العربية الإسلامية. وبذلك كله، وغيره، نسلك الطريق الصحيح للحفاظ على قيمنا وهويتنا بإعادة إبداعهما في سياق المعاصرة.

          وفي المقابل فإن علينا أن نطوع الكثير من أنماطنا الفكرية التقليدية لهذه التكنولوجيا الحديثة، ولن يتأتى هذا إلا عن طريق إقامة حوار بيننا وبين هذه التكنولوجيا، ينزع عنها غربتها بالنسبة لنا ويحولها من زائر وافد لا ندري كيف نتعامل معه إلى واحد من أهل الدار جدير بالتفاهم والتواصل.

          كذلك أتصور أن من بين أهداف هذه الندوة إقامة تلك الألفة بين المثقف العربي وهذه التقنية الحديثة التي سوف تقوم مستقبلا بنشر أعماله والحفاظ عليها والمساهمة في توزيعها. وفي اعتقادي أن هذه التقنية سوف تعطيه، للمرة الأولى، الفرصة التي يتوق إليها للإفلات من أسر الرقابة المفروضة عليه بالحق والباطل. فأكثر ما يعوق حركة الإبداع العربي هو افتقادها أنفاس الحرية والقدرة على تحطيم القيود.

          ولعلني أعود في ختام كلمتي إلى دور مجلة العربي كمجلة ثقافية رائدة في إطار كل هذه المتغيرات. إننا نأمل أن يكون إصدار المجلة على شبكة الإنترنت قوة دافعة تحملها إلى آفاق جديدة. فلن تحررها التقنية الجديدة من قيود الورق المطبوع فقط، بل سوف تجعلها مرئية وناطقة. إننا نتطلع إلى أن نسمع قصائدنا الشعرية بأصوات شعرائها، وأن تتلى القصص بأصوات مؤلفيها، وأن تتحول الاستطلاعات الجامدة إلى صور تصاحبها موسيقى كل بلد نقوم بزيارتها، وأن تتاح مساحة دائمة لكل القراء لكي يناقشوا كل ما ينشر على صفحات المجلة من آراء وأفكار. كما أننا سوف نترجم بعضا من محتوياتها إلى اللغة الإنجليزية كي نصل بها إلى مستويات أكبر من القراء في كل أنحاء العالم.

          ولن تكتفي العربي ببث أعدادها الجديدة فقط، ولكنها سوف تضع كامل أرشيفها من الأعداد السابقة بما فيها الأعداد النادرة والتي نفدت نسخها، وسوف يزوّد كل هذا بالوسائل السمعية والبصرية التي تتيحها كل التقنيات الحديثة.

          إننا نأمل أن تكون تقنية النشر الإلكتروني ميزة لنا وليست سلاحا علينا. وأن تضيف لثقافتنا لا أن تنتقص منها. وكل هذا مرهون بقدرة العقل العربي على تحطيم القيود.

          ولعلني أعود في ختام كلمتي إلى دور مجلة العربي كمجلة ثقافية رائدة في إطار كل هذه المتغيرات. إننا نأمل أن يكون إصدار المجلة على شبكة الإنترنت قوة دافعة تحملها إلى آفاق جديدة. فلن تحررها التقنية الجديدة من قيود الورق المطبوع فقط. بل سوف تجعلها مرئية وناطقة. إننا نتطلع إلى أن نسمع قصائدنا الشعرية بأصوات شعرائها، وأن تتلى القصص بأصوات مؤلفيها، وأن تتحول الاستطلاعات الجامدة إلى صور تصاحبها موسقى كل بلد نقوم بزيارتها،وأن تتاح مساحة دائمة لكل القراء لكي يناقشوا كل ما ينشر على صفحات المجلة من آراء وأفكار. كما أننا سوف نترجم بعضا من محتوياتها إلى اللغة الإنجليزية كي نصل بها إلى مستويات أكبر من القراء في كل أنحاء العالم.

          ولن تكتفي العربي ببث أعدادها الجديدة فقط، ولكنها سوف تضع كامل أرشيفها من الأعداد السابقة بما فيها الأعداد النادرة والتي نفدت نسخها، وسوف يزوّد كل هذا بالوسائل السمعية والبصرية التي تتيحها كل التقنيات الحديثة.

          إننا نأمل أن تكون تقنية النشر الإلكتروني ميزة لنا وليست سلاحا علينا.

           وأن تضيف لثقافتنا لا أن تنتقص منها. وكل هذا مرهون بقدرة العقل العربي على المواجهة المبدعة للتحدي والدخول بتجدد وثقة إلى أعتاب الزمن الجديد.

           وختاما أتمنى لكم جميعا وقتا ممتعا مع وقائع هذه الندوة، وأن يقضي ضيوفنا الكرام أياما مفيدة وسعيدة في وطنهم الثاني الكويت.

           والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،