ملتقيات العربي

ندوة الغرب في عيون عربية

ندوة النشر الإلكتروني

ندوة النشر الإلكتروني
عبد العزيز البابطين

          بسم الله الرحمن الرحيم، أخواني الأعزاء، أخواتي الفضليات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكركم الشكر الجزيل لحضوركم ولاستماعكم لمحاضرات الأخوة الأعزاء، كما يسعدني أن أشكر مجلة العربي وعلى رأسها الأخ القدير الدكتور سليمان العسكري.. شكراً لأنهم توجهوا نحو هذا المنحى للبحث في أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية والذي تأخرنا نحن عنه كثيراً وكثيراً جداً، وأتمنى مخلصاً أن تبدأ العربي وكما عوّدتنا بالتركيز على كل ما جاء في هذه الندوة خلال هذين اليومين في إصداراتها المقبلة حتى تعم الفائدة لجميع الأخوة العرب في كل أقطارهم.

          الشكر الآخر، لأنهم أتاحوا لي الفرصة بأن أتحدث إليكم وأكون بين أخواني على هذه المنصة. في الواقع خطورة الموضوعات التي بحثت كبيرة جداً وبلا شك أنتم تستشعرونها ونحن كذلك كمتلقين نستشعرها، ونحن نشعر بالتأكيد أننا تأخرنا عن الرحب العالمي والتطور العالمي كثيراً، وأتمنى من الأعماق أن نستطيع اللحاق بذلك الركب.

          نحن في مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشعري وبتواضع جم أخذنا موقعا لنا في الإنترنت منذ سنتين وسنبدأ مع نهاية هذا العام في إصدار الطبعة الثانية من معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، بعد تنقيح وبعد أن زاد عدد الشعراء عن الطبعة الأولى، سنبدأ بوضع إصداراتنا وهي أكثر من 60 إصدارا في هذا الموقع وسيتبعه إن شاء الله بعد ذلك معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين.

مناقشات

          أشكر الأخوة المحاضرين، والآن نفسح المجال للذين يريدون أن يستفسروا عن أي نقطة، ولدي سؤال من الأخ كريم الهزاع يسأل د. محمد المخزنجي، يقول: إن النشر الإلكتروني قام بإلغاء الرقابة وسلطة الأب، وأعطى لثقافة الهامش حيزا أكبر وساعد في طريقة تسريع البحث والتواصل مع الآخرين، والبريد الإلكتروني كذلك تحرر من البيروقراطية.. فلماذا كنت متشائلاً تجاه هذه الوسيلة الجديدة؟

          د. محمد المخزنجي: أتوقع أن التشاؤل الذي هو خليط التفاؤل والتشاؤم، مشروع كما ذكرت لأنه ثمة وعد أن تنجز البشرية جهازا صغيرا يحمل مكتبة في حيز محدود، ولكن هذا سيترتب عليه افتقاد مكتسبات عبر الكتاب المطبوع الذي مضى على استخدامنا له حتى الآن خمسة قرون، فليست حالة وجدانية خاصة، ولكن أعتقد أنني أوضحتها من خلال البحث.

          مصطفى كركوتي: يبدو لي أن المتحدثين د. المخزنجي وأ. أسامة حجي يخاطبان الوضع الراهن، مثلاً أريد أن أسأل الدكتور المخزنجي: تخيّل نفسك الآن أنك في عام 2090 أو 2080، ولو أنت الآن جاهز في مثل هذه الندوة، الأسئلة التي ستطرحها في تلك الأعوام ستكون مختلفة عما طرحته من أسئلة. أسئلتك تخاطب الوضع الراهن، المشاكل التي يواجهها جيلك ولكن ماذا عن أجيال عام 2080؟، عام 2100، هذا هو رهان المستقبل الذي يجب أن نخاطبه من الآن

          ولا نقلق عن مشاكلنا نحن، لأن الواقع المستقبلي هو في النهاية الذي سيفرض نفسه. بالنسبة لأمور الترجمة، أرى أننا نخلق مشكلة ليست قائمة، المشكلة ليست فقط بالعربية، فكل اللغات الأخرى تواجه هذه المسألة، ولكن ليس هناك ما يدعو إلى خلق مشكلة، لأن الذي سيسود في النهاية هو استخدام المصطلحات، ومدى اتساع استخدامها في اللغة الإنجليزية أو العربية.

          عبد اللطيف العبيد: سيدي الرئيس، لي تعليقات على محاضرة الأستاذ أسامة حجي.

          لاحظت في المحاضرة خلطاً كبيراً وتقديم الأستاذ لمعلومات فيها الكثير من الخطأ ويبدو أنه لكون الأستاذ ليس من أهل الاختصاص في قضايا الترجمة والتعليم والمصطلحات، علماً بأن المصطلحات لها علم خاص بها الآن يسمى علم المصطلحات، وهذا العلم هو فرع من فروع اللسانيات وله صلة بالعلوم الأخرى، وخاصة علم المنطق وعلوم اللغة والاختصاصات العلمية، وهذا العلم متطوّر وأصبح يدرّس في بعض الجامعات العربية عندنا.

          وبالنسبة إلى تعريف المصطلح، قلت في الحقيقة إنه يصعب تعريفه، وهناك تعريفات وضعت للمصطلح وهناك تعريف وضعته المنظمة الدولية للقياس الإيزو يقول إن المصطلح هو تسمية تختص بالدلالة على مفهوم علمي أو تقني في مجال المحادثة، ولهذا تفسيره الدقيق وله تطبيقاته العملية، ثم أنك مرة تطالب بأن يكون شيوع المصطلح هو الحكم، ومرة تقول إن الشيوع ليس الحكم لأن بعض المصطلحات شائعة ولكنها لا تعتبر صحيحة، واستشهدت بالتلفزيون مثلاً، وفي الحقيقة يجب أن نفرق بين مصطلحات خاصة بأهل الاختصاص، ومصطلحات تسمى مصطلحات شائعة أو مألوفة، مثال ذلك نقول مثلاً بالعربية جنون البقر وهذا المصطلح يستعمله الإعلام وهو صحيح، ولكن له مرادف عند أهل الاختصاص العلمي يستعملونه في مجالهم، وهذا صحيح في مجال التبسيط العلمي.

          وأشرت إلى وجود أكثر من مجمع للغة العربية، والحقيقة نسيت الإشارة إلى المنظمة العربية للمصطلحات والمقاييس، واعتبرت أن ذلك سبب من أسباب مشاكل المصطلحات، وهذا في الحقيقة غير صحيح إطلاقاً، فمشكلة المصطلحات العربية هي قلة استخدام اللغة العربية في التعليم العلمي، وعندما نستعمل اللغة العربية في التعبير العلمي، فإن كل القضايا ستزول لأن اللغة ظاهرة اجتماعية، ولا تحل مشاكلها بالقرارات المجمعية وغير المجمعية، علماً بأن المجامع لم تقم بوضع المصطلحات وإنما لتنظمها وتوحّدها وتقننها، لأن وضع المصطلحات هو من عمل أهل الاختصاص وليس من مسئولية المجامع.

          إن قضية المصطلحات هي قضية مجتمع بكامله، وقضية استخدام وإنما المصطلحات حالياً يوجد لها الآن أكثر من خمسين معجماِ إنجليزي ـ عربي أو فرنسي ـ عربي، وأستطيع أن أوجه إليك قائمة طويلة بمعظم هذه المعاجم المنشورة في معظم الدول العربية، وهناك في سوريا يستخدمون هذه المصطلحات ولا يوجد عندي أي إشكالية في ذلك، واللغة العربية هناك تستعمل بشكل طبيعي، وفي الحقيقة أنا مع أحد الأخوة الذي قال إنه علينا ألا نثير هذه القضية من جديد، فهذه قضية تحتاج إلى عمل وليس إلى كلام، وأظنكم في البداية قلتم أنكم لن تثيروا قضية التعريب، وهل ضروري أم لا؟ ولكنكم أثرتموها من جديد. ورجائي أن أكون ساهمت في بعض التوضيحات وإنما العبرة بالعمل.

          د. يوسف زيدان: أريد أن أعقّب على ورقة د. محمد المخزنجي، ولكن كان هاجس الخوف فيها هو من الثقافة الإلكترونية على الثقافة الورقية، وتأسس ذلك على حوار بين أفلاطون وأرسطو، وأنا أظن أن هذا الحوار لم يحدث إطلاقاً، وأنا أستاذ فلسفة، بدليل أن كلاهما ـ أفلاطون وأرسطو ـ له كتب، ولكن هذا الاشتباه نبع مما يقال في الفلسفة أن هناك محاورات شفاهية وأن أرسطو أشار إليها في بعض كتبه، وماعدا هذا فإن كليهما له كتب مطبوعة.

          وتاريخ المعرفة الإنسانية مرّ بعدة مراحل، منها الكتاب المطبوع، والكتاب الإلكتروني، الذي ليس كما قال د. محمد سنة 2003 هو الوقت الفاصل، بدليل أن أشهر كتاب في العالم وهو أميركي صدرت آخر طبعة ورقية له سنة 2000.

          أما بالنسبة للمهندس أسامة، وجدت من هنا نبدأ، ولكن نحن فعلاً بدأنا، ولم يعد السؤال هكذا، فهناك بالفعل خطوات عملية، ومن ذلك ما تعرض له د. عماد بشير في حديثه عن الصحافة العربية الإلكترونية، وفي الحقيقة لا توجدأصلا صحافة عربية إلكترونية، وليست الصحف الإلكترونية إلا ذيل وهامش على الصحف اليومية، لسبب بسيط هو أن الصحافة العربية إما أن تدعم حكومياً كي تستمر، أو لا بد لها من الإعلانات، وحتى الآن، لا دعم حكوميا ولا إعلانات في الصحافة الإلكترونية.

التعقيبات من المحاضرين:

          د. المخزنجي: أولاً: ما ذكر على لسان أرسطو وأفلاطون موجود في كتاب الشفاهية والكتابية من إصدارات سلسلة عالم المعرفة وفي رسالته من حديث تم وفقاً لهذا الكتاب.

          ثانياً: هناك خلط بين ما يسمى Electronic Book وبين الكتب المخزنة على أقراص مدمجة. أنا أتحدث عن جهاز صغير ما زال المطروح منه نماذج قليلة تجريبية، وأتحدث بالتحديد عن استخدام حاسّة اللمس في التعامل مع الكتاب الإلكتروني.

          فإذن، التشاؤم مشروع، فغياب حاسة اللمس في حقيقة الأمر مسألة مفزعة لي جداً، على اعتبار أنني طبيب يعبر إلى النفس من خلال الجسد، لأنه حتى الجراحين يسمون جراحة المنظار جراحة بدون إحساس، ومن هنا تأتي أخطاؤها الكبيرة، وأنا هاجست بغياب حاسة اللمس سيكون لها انعكاسات على المحتوى العاطفي وهذا يؤثر في كل العمليات النفسية والذهنية.

          أسامة حجي: بالنسبة لنقطة هل أننا نخاطب الحاضر أم نخاطب المستقبل؟

          أولاً، أريد أن أوجه تحية لكل من يعمل في مجال التعريب، وكل من ينتج صحافة باللغة العربية، وأنا لست ضد تجربة الصحافة، ولكن هناك دولا تستخدم المصطلحات باللغة العربية، مثل سوريا وليبيا، وقد أشرت إلى ذلك في البحث الذي كتبته، ولكن كم دولة تستخدم اللغة في التعليم، لقد بنيت هذا البحث على أساس العلاقة القوية بين التعليم والتعريب.

          أنت اليوم إذا أردت أن تشتري جهاز حاسب آليا، فلن تجد البائع في الأغلب يحدثك باللغة العربية. أما ردي على موضوع الشيوع، فأنا أعتبره قاعدة ولكن ليس في المصطلح العلمي، وكما أريد أن أترجم المصطلح العلمي فأنا أريد ترجمة المصطلح العامي أيضاً، أنا قلت إن التلفزيون ليس مصطلحاً علميا وهو مصطلح شائع أو عام، وفي مصطلحات مثل حاسب آلي مثلاً، أقصد ما تحدّث عنه بكلمة الشيوع، أما المصطلحات العلمية فهي لا تقاس على الشيوع، هذه حقيقة، لكن المصطلحات العامية تترجم بناء على الشيوع، وكلاهما المصطلحات العلمية والعامية مستخدمة ويجب أن يكونا باللغة العربية.

          إن قضية المصطلح ليست قضية المهندسين أو التكنوقراط فقط، فهي قضية الجميع، وأنا لا أقصد بقولي إن المجامع اللغوية زادتنا فرقة، إنني أقول أنها قصرت، بالعكس قد تكون الصحافة أيضاً أسهمت في فرقتنا، وهناك مجلتان عن الكمبيوتر باللغة العربية تجد المصطلح نفسه مختلفاً بين هذه وتلك، أنا أقصد أننا عندما عَرَّبنا لم نعرب بطريقة سليمة وبالتالي المشكلة ما زالت قائمة.

          د. عماد بشير: أولاً أنا أوافق الدكتور يوسف زيدان، ليس لدينا صحيفة إلكترونية عربية، وهذا ما ابتغيته في الورقة التي قدمتها في الأساس.

          أود أن أوضح أمراً وهو أن الصحيفة الإلكترونية هي من تقنيات الإعلام الحديث، وهي تقنيات عصر المعلومات الذي يمتلك خصائص تختلف عن العصر الصناعي، والذي تعود إليه الصحيفة المطبوعة، وكذلك التلفزيون والراديو، فتقنيات العلم الحديث التي من أولها الصحيفة الإلكترونية، إنها أداة جديدة وليست صحيفة مطبوعة متوافرة إلكترونيا.

          أما عن المزايا، فإن الصحيفة الإلكترونية تمتلك خواص الإعلام الحديث في جهة التفاعلية مثلاً، والتفاعل مع النص، وفور اطلاعك على هذا النص يحيلك إلى معلومات أوسع عن فكرة معينة مباشرة، لا داعي أن تذهب إلى مكان آخر، أو تستشير موسوعة أو مركز معلومات، أنت عندما تكون جالساً في مكان يمكن أن يتم إحالتك إلى مكان آخر به معلومة أوسع.

          أما طريقة إنتاج المادة الصحفية، فهناك طريقة كتابة مختلفة لتقديم المادة الصحفية إلكترونياً فلا يمكن أن تتم بالشكل الموجود به في الصحيفة الحالية.

          أما عن استرجاع المعلومات، فلا بد أن يطبق كتاب الأسلوب في هذا المجال، سيفرض على كل مؤسسة إعلامية أن يكون لها هذا الكتاب، لأن من أساسيات الصحافة الإلكترونية إعطاء الفرصة للباحث لاسترجاع المعلومة والاستفادة منها متى أراد.

          وهناك أيضاً مزايا أخرى، مثل مزايا الأرشفة وحفظ المعلومات عدا عن إمكان الاتصال المباشر مع منتج المادة، حالياً في الصحافة البريطانية فإن هناك فريق عمل آخر وشكلا آخر لإنتاج الصحافة الإلكترونية.

          علينا إذن استثمار الجهاز البشري الذي ينتج مثل هذه المواد، وليس الاستثمار في الأجهزة والبناء. البابطين: شكراً لكم.. والآن كلمة مسك الختام للأخ الفاضل الدكتور سليمان العسكري.