العدد (568) - اصدار (3-2006)
مقدّر, ومكتوب, أن يأتي سمو الشيخ صباح الأحمد أميرًا لدولة الكويت, وفي هذه الحقبة بالذات من هذا الزمن. فالكويت دولة صغيرة وحديثة نسبيًا, والقيادة السياسية غالبًا ما تطبع بصماتها الذاتية على مسار الوطن في زمانها, مهما تعمّقت الرواسي التأسيسية ونمت المؤسسات فيما قبلها. إلا أن جديدًا لابد من ظهوره في الصفحة الجديدة بعد طيّ سابقتها. الأمر الذي يبدو غاية في البساطة والسهولة بالعودة إلى من سبق سموّه في الجلوس على المقعد ذاته
نلتقي اليوم في وحشة الغياب ومرارته, بقلوب عامرة بالإيمان بقضاء الله وقدره, يجمعنا حب قاطع لفقيدنا الراحل الكبير صاحب السمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح - رحمه الله وطيّب ثراه وجعل الجنة مثواه- أمير عادل وربّان حكيم وقائد من طراز فريد, قلما جاد الزمان بمثله, زاهد في متع الدنيا, مخلص في حب وطنه, وهوالقائل: (الكويت هي الوجود الثابت, ونحن الوجود العابر)
عرفت سمو الشيخ صباح الأحمد في بداية الستينيات, وعملت مدير مكتبه لسبع سنوات قبل ذهابي إلى الأمم المتحدة, وأعود منها إلى مجلس التعاون كأول أمين عام لمدة اثنتي عشرة سنة, ثم أعود إلى الكويت للعمل معه لمدة أربع سنوات, ولا بد أن أتوقف أمام بعض المشاهد في مسيرة هذا الإنسان الذي بدأ الخدمة العامة في الكويت من أكثر من خمس وخمسين سنة
تستضيف الكويت في هذا الشهر مؤتمراً موسعاً لمناقشة أزمة البحث العلمي في العالم العربي, وهي أزمة لابد أن تكون على سلم الأولويات من التفنيد على كثرة ما في العالم العربي من أزمات, لأن ارتقاء البحث العلمي ليس فقط مجرد طريق لتحقيق كفاية الشعوب وقوة الأمم في عالم اليوم, الناهض على أكتاف العلم ومخرجاته, بل هو أيضا سبيل لعقلانية التفكير ومنطقية السلوك في واقع هو أشد ما يكون احتياجاً إلى ذلك
إن عمليات التحديث والإنماء الاقتصادي والاجتماعي في الوطن العربي تفرض أن يأخذ العلم والتكنولوجيا دورهما الفعال, وطريق ذلك هو البحث العلمي, ولا تأتي قوة الدولة إلا من خلال قوة التعليم العالي والبحث العلمي فيها. ويعتمد ذلك على مدى جدية سياسة العلم والتكنولوجيا التي تضعها الدول العربية. وما نراه الآن من العلوم الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة ما هو إلا نتيجة للبحث العلمي خاصة البحث التطبيقي منه
يعاني عالمنا العربي أزمة شاملة تضرب في كل جوانب الحياة فيه. وعلى الرغم من أن من هم تحت خط الفقر المادي - مقدراً بدخل يومي يقل عن دولار واحد - قليل, فإن عدد من يقعون تحت خط الفقر الإنساني (مقدراً بعوامل مثل إتاحة التعليم, والشعور بالأمان الشخصي, وطول العمر) يصل إلى 34% من السكان تقريباً, وهو وضع يماثل الهند, التي هي أفقر مادياً بكثير. كذلك تعاني المنطقة من أعلى معدلات لزيادة السكان في العالم