العدد (568) - اصدار (3-2006)
وهذا شاعر آخر من شعراء العربية الكبار الذين احترقوا بنار السياسة, وهم يتقلبون على جمر الشعر والهوى, فكان نموذجا مثاليا, لصورة الشاعر التقليدية في زمان مضى, حيث الشعر سبيل للحظوة لدى أهل الحكم, وطريق للمجد, في خريطة الحياة, ولكنه أيضا, سبب في انهيار كل ذلك قبل الوصول الأخير
على وتر من شرايين قلبي ترنم طير الشفق وناء السَّحاب بأسطورة تحترق وهام الشجى بطيف من الذكريات يغنّيه...يبكيه...لا يستجيب لأن الشجى طواه المغيب
تشكل ولاية كيرالا قطاعا طويلا من الأرض الساحرة في الجانب الغربي من الهند, وتتمتع بالمناظر الخلابة التي تغلب عليها أشجار جوز الهند التي تلعب دورا بارزا في اقتصادها. بل يقال إن كلمة كيرالا قد اشتقت من كلمة كيرام, التي تعني شجرة جوز الهند . ويجتاز الولاية أكثر من أربعين نهرا, فلا غرو أن يصف الهنود كيرلا بالفردوس الأخضر
مزَّقت أوراقي لأني لا أقدِّم سنبلهْ وغمستُ في قارورة الحبر الكبيرة سوْسنهْ أنا لا أشم العطر فوق المستحيل ولا أراقصُ جدولهْ ماعاد لي قمر ٌيطلُّ على الليالي المظلمة
كانت أسواق, مكة في الجاهلية, ملتقى الشعراء والخطباء وأصحاب الدعوات المختلفة وغيرهم, وكان أهلها نقّادا متذوقين للشعر, وكان فيهم خطباء, لكنهم قلّما كانوا شعراء, حتى إنّ ابن سلام الجُمَحيّ, حين كتب في فحول الشعراء, لم يذكر إلاّ قليلاً من شعراء الحواضر, بل كاد يقتصر من هؤلاء على شعراء الحيرة والمدينة, أما مكّة فاكتفى بالإشارة إلى أنّ فيها شعراء, وفعل شبه ذلك حين تحدّث عن شعراء الطائف والبحرين
عدت إلى بيتي حاملاً أكياسًا سوداء, مملوءة بمختلف الأغراض المنزلية, مشيتي وشكلي ومشترياتي, توحي جميعها بأنني موظف مثل كل الموظفين الذين يملأون البلاد, ويتأثرون بأي تأخر مفاجئ في دفع الأجرة الشهرية. أسكن حيًا شعبيًا, يعج بالبطالين من مختلف الأعمار والمؤهلات, ألتقي بهم كل صباح ومساء, ولفرط إحساسي بمعاناتهم, أصبحت أستحي منهم وأنا أدخل إلى بيتي بتلك الأكياس السوداء, جميعهم أناس طيبون
ابتداء, فإن المعنى اللغوي للتعصب يلازم معنى الإجبار والإكراه والقسر, ويتضمن معنى الإجماع الذي لا يقبل الاختلاف والتعدد, وينفر من التغير والتنوع, وذلك في قولهم: عصب الشيء بمعنى شدّه, وعصب الناقة بمعنى شدّ فخذيها, وعصب القوم به. اجتمعوا وأحاطوا به والتفوا حوله, وعصب الريق بالفم, بمعنى يبس عليه, وعصب الرجل بيته أقام فيه لا يبرحه, وتعصب هو الفعل الذي لا يخلو من دلالة التسليم الذي لا يخامره شك
هل تختفي المعاناة القاسية... وتنطفئ حرارة العواطف وتنمحي الأبعاد الحقيقية للهفة والشوق, نتيجة ماشهده العالم أخيرا من ثورة شاملة وكبيرة في الاتصالات? الاتصالات هي العصب الأساسي للحياة الاجتماعية, وتطورها هو التعبير الأوضح عن تطور هذه الحياة. وفي أيامنا, بلغ التقدم في مجال الاتصالات مبلغًا لم يكن من الممكن توقعه قبل سنين قليلة. لقد بات في إمكان المرء أن يجلس إلى طاولته ويتابع كل ما يجري في العالم
وكأنها كانتْ حين اعْتصَمْتُ بِنورِها كلَّ النِّساءْ وكأنها أخَذَتْ حين اخْتَفَتْ معها زماني.. لم تَدَعْ إلا الغبارَ وهذه الصحراءْ عامٌ مضى .. عامانِ بل عِشْرونَ صرتُ كما تَرون كهلاً
من الممكن يا سيدتي, أنا لا أشك - بالطبع - فيما تؤكدين, لكن التقرير الطبي... - أي تقرير يا دكتور! لن يستطيع أحد إقناعي قط بأن الحلاق سوبيانتا, الأبكم المتغابي!, أو الجزار مارتينيث بوسعهما القيام بهذا الفحص, أتراهما درسا علم التشريح..? أتراهما..? - لك ما تشائين يا سيدتي, بيد أن مأمور القسم, من خلال ممارسة مهام عمله الشاق ومن منصبه النبيل, استند إلى أسباب صحيحة بتعيينه مجربين لسرعة فحص المغتصبة
إنّى أمضي هذه الأيام في بيروت التي تُعانقُ أهوالَها وأهواءها بشغفٍ وعِشقٍ جُنوني, أَجدُني أمامَ مَرأى النخيل.. نَخلاتِ البساتين - هل تذكر - تلك التي كنت تأخذني إلى حُقولها مثل نَخلةٍ تقودُ فَسيلَها الصغير قبل أن يَشبّ ليُقتلعَ من جسدِها كما اقتلعتني الغُربةُ يوماً من يديك, هأنا أقتربُ منها, ألمسُها فيقشعرَّ بدنُها مع ارتجافِ كلِّ جوارحي, أتسلّقُها كما كنتُ.. أرضعُ جُمّارها - قلبَها - وأهبطُ كما تَساقطُ صفائحُ الطلع من قامتها
صباح آخر في مدينتنا, ورصيف محطة القطار مزدحم بالغرباء, أبصرته ومعطفه الأسود الثقيل يخفي نصف وجهه, وحذاؤه الشتوي ذو الرقبة المرتفعة كنهار معطل, وحقيبته ترتجف تحت قفازه الأسود, الطقس بارد وخامل, فلا ريح تهز الغيمات فتمطر, ولا هبة ساخنة من رياح الخريف تخمد هذا الصقيع, أبصرته يعدو متجاوزًا كل الوقوف, انفتحت حقيبته وانفرطت أسراره على الأرض!!
وهذا شاعر آخر من شعراء العربية الكبار الذين احترقوا بنار السياسة, وهم يتقلبون على جمر الشعر والهوى, فكان نموذجا مثاليا, لصورة الشاعر التقليدية في زمان مضى, حيث الشعر سبيل للحظوة لدى أهل الحكم, وطريق للمجد, في خريطة الحياة, ولكنه أيضا, سبب في انهيار كل ذلك قبل الوصول الأخير
على وتر من شرايين قلبي ترنم طير الشفق وناء السَّحاب بأسطورة تحترق وهام الشجى بطيف من الذكريات يغنّيه...يبكيه...لا يستجيب لأن الشجى طواه المغيب
تشكل ولاية كيرالا قطاعا طويلا من الأرض الساحرة في الجانب الغربي من الهند, وتتمتع بالمناظر الخلابة التي تغلب عليها أشجار جوز الهند التي تلعب دورا بارزا في اقتصادها. بل يقال إن كلمة كيرالا قد اشتقت من كلمة كيرام, التي تعني شجرة جوز الهند . ويجتاز الولاية أكثر من أربعين نهرا, فلا غرو أن يصف الهنود كيرلا بالفردوس الأخضر
مزَّقت أوراقي لأني لا أقدِّم سنبلهْ وغمستُ في قارورة الحبر الكبيرة سوْسنهْ أنا لا أشم العطر فوق المستحيل ولا أراقصُ جدولهْ ماعاد لي قمر ٌيطلُّ على الليالي المظلمة
ابتداء, فإن المعنى اللغوي للتعصب يلازم معنى الإجبار والإكراه والقسر, ويتضمن معنى الإجماع الذي لا يقبل الاختلاف والتعدد, وينفر من التغير والتنوع, وذلك في قولهم: عصب الشيء بمعنى شدّه, وعصب الناقة بمعنى شدّ فخذيها, وعصب القوم به. اجتمعوا وأحاطوا به والتفوا حوله, وعصب الريق بالفم, بمعنى يبس عليه, وعصب الرجل بيته أقام فيه لا يبرحه, وتعصب هو الفعل الذي لا يخلو من دلالة التسليم الذي لا يخامره شك
كانت أسواق, مكة في الجاهلية, ملتقى الشعراء والخطباء وأصحاب الدعوات المختلفة وغيرهم, وكان أهلها نقّادا متذوقين للشعر, وكان فيهم خطباء, لكنهم قلّما كانوا شعراء, حتى إنّ ابن سلام الجُمَحيّ, حين كتب في فحول الشعراء, لم يذكر إلاّ قليلاً من شعراء الحواضر, بل كاد يقتصر من هؤلاء على شعراء الحيرة والمدينة, أما مكّة فاكتفى بالإشارة إلى أنّ فيها شعراء, وفعل شبه ذلك حين تحدّث عن شعراء الطائف والبحرين
عدت إلى بيتي حاملاً أكياسًا سوداء, مملوءة بمختلف الأغراض المنزلية, مشيتي وشكلي ومشترياتي, توحي جميعها بأنني موظف مثل كل الموظفين الذين يملأون البلاد, ويتأثرون بأي تأخر مفاجئ في دفع الأجرة الشهرية. أسكن حيًا شعبيًا, يعج بالبطالين من مختلف الأعمار والمؤهلات, ألتقي بهم كل صباح ومساء, ولفرط إحساسي بمعاناتهم, أصبحت أستحي منهم وأنا أدخل إلى بيتي بتلك الأكياس السوداء, جميعهم أناس طيبون
هل تختفي المعاناة القاسية... وتنطفئ حرارة العواطف وتنمحي الأبعاد الحقيقية للهفة والشوق, نتيجة ماشهده العالم أخيرا من ثورة شاملة وكبيرة في الاتصالات? الاتصالات هي العصب الأساسي للحياة الاجتماعية, وتطورها هو التعبير الأوضح عن تطور هذه الحياة. وفي أيامنا, بلغ التقدم في مجال الاتصالات مبلغًا لم يكن من الممكن توقعه قبل سنين قليلة. لقد بات في إمكان المرء أن يجلس إلى طاولته ويتابع كل ما يجري في العالم
وكأنها كانتْ حين اعْتصَمْتُ بِنورِها كلَّ النِّساءْ وكأنها أخَذَتْ حين اخْتَفَتْ معها زماني.. لم تَدَعْ إلا الغبارَ وهذه الصحراءْ عامٌ مضى .. عامانِ بل عِشْرونَ صرتُ كما تَرون كهلاً
من الممكن يا سيدتي, أنا لا أشك - بالطبع - فيما تؤكدين, لكن التقرير الطبي... - أي تقرير يا دكتور! لن يستطيع أحد إقناعي قط بأن الحلاق سوبيانتا, الأبكم المتغابي!, أو الجزار مارتينيث بوسعهما القيام بهذا الفحص, أتراهما درسا علم التشريح..? أتراهما..? - لك ما تشائين يا سيدتي, بيد أن مأمور القسم, من خلال ممارسة مهام عمله الشاق ومن منصبه النبيل, استند إلى أسباب صحيحة بتعيينه مجربين لسرعة فحص المغتصبة
إنّى أمضي هذه الأيام في بيروت التي تُعانقُ أهوالَها وأهواءها بشغفٍ وعِشقٍ جُنوني, أَجدُني أمامَ مَرأى النخيل.. نَخلاتِ البساتين - هل تذكر - تلك التي كنت تأخذني إلى حُقولها مثل نَخلةٍ تقودُ فَسيلَها الصغير قبل أن يَشبّ ليُقتلعَ من جسدِها كما اقتلعتني الغُربةُ يوماً من يديك, هأنا أقتربُ منها, ألمسُها فيقشعرَّ بدنُها مع ارتجافِ كلِّ جوارحي, أتسلّقُها كما كنتُ.. أرضعُ جُمّارها - قلبَها - وأهبطُ كما تَساقطُ صفائحُ الطلع من قامتها
صباح آخر في مدينتنا, ورصيف محطة القطار مزدحم بالغرباء, أبصرته ومعطفه الأسود الثقيل يخفي نصف وجهه, وحذاؤه الشتوي ذو الرقبة المرتفعة كنهار معطل, وحقيبته ترتجف تحت قفازه الأسود, الطقس بارد وخامل, فلا ريح تهز الغيمات فتمطر, ولا هبة ساخنة من رياح الخريف تخمد هذا الصقيع, أبصرته يعدو متجاوزًا كل الوقوف, انفتحت حقيبته وانفرطت أسراره على الأرض!!