العدد (458) - اصدار (1-1997)
هو الآن يصعد , مرتبكاً , أول الدرجات
ترى أستاذتنا الدكتورة سهير القلماوي (في مقال قديم نشرته في مجلة "المجلة" ديسمبر 1986 بعنوان: متى ندرس فن شوقي?) أن أهم الخصائص المكونة للنزعة الكلاسيكية في شعر شوقي هي الاعتماد على مخزون ثقافى واسع متنوع أكثر من الاعتماد على المعاناة الآنية أو التأثر الحالي. وتوضح ذلك بقولها إن مفجر الوحي الشعري عند شوقي لم يكن هو الأساس, وإنما المفجر يثير في نفسه شحنات من العواطف
مع الدوران المنتظم لأضلاع المروحة المدلاة من السقف كان الهواء يرف فوق الجالسين إلى السفرة بفسحة شقة من الطابق الثالث بالمنزل 22 بشارع حبشي بحدائق القبة عندما جاش صدر محمد فتحي بانفعال شديد وأطبق شفتيه بصمت على قلبه ثم شملته رعدة على الكرسي ارتجف لها جسمه كله بشدة مرة، ومرة ثانية. وفتح الجميع عيونهم إلى آخرها منتفضين من أماكنهم يتابعون بنظرات الدهشة جسمه المضطرب وهو يهوى متخضبا على الأرض
سأدخل في الناي كي تذكريني وأترك جسمي على قصب النهر يمضي
ما أكثر ما تحدث الناس, قديما وحديثا, عن اللغة العربية: ما بين مناصر لها, مدافع عنها, وما بين مناوىء لها, مهاجم إياها. ولا تخلو الساحة العربية, على عهدنا هذا, من التعصب الأعمى على اللغة العربية: من ذويها والناطقين بها أنفسهم حيث ما أكثر ما نُلفيهم يزعمون أنها عاجزة عن التطور والتطوير, وأنها عسيرة النحو, وأنها معقدة التركيب, وأنها لغة محنطة.. وهو ادعاء غير مؤسس, ومزعم لا يخلو إما من حقد عليها, وإما من جهل بها. وفي الحالين الاثنتين لا عذر للمتخرصين
يا شام ها قد جئت بعد غياب وحلمت وجهك في رؤى الأهداب
الطيورُ التي انتظرها طويلاً. الطيور.. التي بنى لها أعشاشاً
حدث ذلك في بورما ذات صباح ممطر مشبع بالمياه.. كانت أضواء شاحبة تنسكب على الجدران العالية وتنحدر منها إلى داخل فناء السجن. وكنا ننتظر خارج زنزانات المحكوم عليهم بالإعدام التي تمتد في صف طويل.. وهي أشبه ما تكون بأقفاص صغيرة للحيوانات.. وأمامها سور من القضبان الحديدية المتينة