العدد (733) - اصدار (12-2019)

ابتداء الزمن الروائي العربي د. جابر عصفور

أتصورُ أن وَهم استعارة الشكل الروائي العربي من الغرب - في ابتداء زمن الرواية - لا يقلُّ ضررًا عن عملية تهميش فن الرواية بالقياس إلى الشِّعر الذي ظل، تقليديًّا، فن العربية الأول. وهي عملية ناتجة من النظرة السائدة إلى الرواية بصفتها التابع اللاحق، الأقل قيمة، والمتأخر زمنًا ورتبة. ونرى مجلى ذلك في كتابات تاريخ الأدب الحديث التي تُسلّط أغلب الضوء على فن الشعر الذي يجتذب إليه الأنظار بهيمنته على المشهد الأدبي الذي ظل يحتلّ فيه موضع الصدارة الذي تعوَّدت الأذهان على أن تضعه - أي الشعر - في هذا الموضع وحده، وذلك على نحو يكشف عن غلبة تصورات سابقة مغلوطة، على الإدراك التاريخي للعلاقة بين الأنواع.

الكاتبان أولجا وهانكة يفوزان بـ «نوبل» في الأدب لعام 2019 محمود قاسم

ظاهرة جديدة شهدتها جائزة نوبل في الأدب هذا العام، هي إعلان اسمَي كاتبين يفوزان بالجائزة، هما الكاتبة البولندية أولجا توكارتشوك، والكاتب النمساوي/ الألماني بيتر هانكة، وكمحاولة لإدراك الخطأ الخاص بحجب الجائزة في العام الماضي، فإن اسم أولجا سيوضع في قوائم الفائزين بالجائزة عن العام الفائت، حتى لا تكون القائمة خالية في تلك السنة، أما هانكة فهو الحاصل على الجائزة للعام الحالي، وعلى كلّ، فإن الجائزة منحت لكاتبين ينتميان تمامًا إلى لغتين أوربيتين متباينتين، وربما إلى ثقافتين متباعدتين.

أخلاق العرب في الشِّعر الجاهلي عمر شبلي

كان للعرب، على امتداد جغرافية المكان والزمان قبل ظهور الرسالة الإسلامية، أخلاق وعادات وقيم في منتهى الالتصاق بالروح الإنسانية التي تؤمن بانتصار القيم العليا في نهاية أيّ صراع. وكانت أخلاق العرب وقتئذ مؤتلفة ومتطابقة مع سلوكهم، على الرغم من قساوة الجغرافيا المكانية ويباب الأرض التي عاشوا عليها، والتي فرضت عليهم التقاتل والتناحر من أجل البقاء. إن هذه الأخلاقية الفكرية والسلوكية كانت عالية الحضور وشائعة بين العرب، وكانت حديثَ مجالسهم، حتى لكأنها غذاء أعلى من الغذاء، وكانت مُكلِفة، والحفاظ على القيم العليا له ثمن باهظ بمستوى القيمة التي يُدافَع عنها، كما يقول المتنبي: «الجودُ يُفقِرُ والإقدامُ قتّالُ».

مَدْحُ الْفَتَى وَذَمُّهُ فِي السِّيَاقِ الشِّعْرِيِّ نَمَاذِجُ مِنْ مُعْجَمِ لِسَانِ الْعَرَبِ د. محمد محمد عيسى

يُعد لفظ «الفتى» من الألفاظ الشائعة التناول في اللسان العربي ولا سيّما الشعري منه. وهناك صفات ذهنية إيجابية كثيرة اشتهر بها لفظ الفتى، وهي مُتَخيَّلَة، وتختلف من ذهنٍ إلى غيره. ومن بين هذه الصفات: القوة، والشجاعة، والإقدام، والشباب، والجمال، والغنى، والكرم، والعشق، والعلم، والسعادة، والصواب. وفي كلٍّ فقد امتدح الشاعر العربي القديم الفتى، وذَمَّه حين قلب الصورة الذهنية له لدى المتلقي؛ ليراه فقيرًا من ظنَّه غنيًّا، وضعيفًا من ظنَّه قويًّا، وكبيرًا هرمًا من ظنَّه شابًا، وحقيرًا من ظنَّه عظيمًا، ومخطئًا من ظنَّه صائبًا.