العدد (732) - اصدار (11-2019)

ذكريات الكتاب الأول د. جابر عصفور

كان كتاب «الصورة الفنيّة في التراث النقدي والبلاغي» هو أول كتاب أطبعه في حياتي العلمية، بعد أن انتهيتُ من الحصول على درجة الدكتوراه في يونيو 1973، وكنتُ قد حصلتُ قبل ذلك على درجة الماجستير سنة 1969 عن «الصورة الفنية عند شعراء الإحياء في مصر». ولحُسن الحظ أنني لم أطبع أطروحة الماجستير هذه، وأنها لم ترَ النور إلا بالمصادفة البحتة. فقد كانت د. سهير القلماوي وقتها رئيسة مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب، وتحرّجتُ في تقديم الكتاب إلى الهيئة التي ترأسها أستاذتي، لكن د. عبدالمحسن طه بدر ألحَّ عليَّ في أن أتقدم بالأطروحة للنشر، وتحدث مع د. القلماوي في ذلك الموضوع، الأمر الذي دفعها إلى أن تطلب منِّى تقديم الأطروحة إلى الهيئة، التي دفعت لي مقابلها مبلغ خمسة وثلاثين جنيهًا كاملة، مقابل نشر الكتاب الذي امتلكت الهيئة كل حقوق النشر فيه.

عن الرؤية المأساوية في روايات منيف عبداللطيف البازي

في دراسة مستفيضة منشورة في العدد 726 (مايو 2019) من المجلة الرائدة «العربي»، توقّف الباحث المصري د. جابر عصفور عند مفهوم «الرؤية المأساوية» معتمدًا على اجتهادات الناقد الأمريكي Murray Krieger، وجاعلاً من المفهوم المذكور المدخل الأساس لتحليل بعض قصائد الشاعر المصري صلاح عبدالصبور، وليبرهن على تضمّن هذه القصائد سمات من الرؤية المأساوية كما قدّمها الناقد الأمريكي. وتفاعلاً منّي مع دراسة د. عصفور، أقترح هذه المقالة التي عمدت فيها إلى إضاءة ثلاث روايات للكاتب العربي عبدالرحمن منيف، اعتمادًا على المفهوم نفسه، مفهوم «الرؤية المأساويةّ» لكن كما بلوره وطوّره الباحث المجري لوسيان غولدمان.

دوزي و«طوق الحمامة» لابن حزم جهاد فاضل

يختلف الباحثون العرب عن زملائهم الباحثين الأجانب في تفسير الحكايات العاطفيّة التي يرويها الفقيه الأندلسي ابن حزم عن نفسه في كتابه «طوق الحمامة»، الذي يصفه الباحث الإسباني أورتيغا أي غاسيت بأنّه أروع ما خُطّ عن الحب في الحضارة العربيّة الإسلاميّة. وقبل أن نعرض للتفسير العربي والأجنبي لهذه الحكايات النابضة بالوَلَه والصدق يحسُن إيرادها كما سجّلها صاحبها في كتابه.

أسئلة الرواية العربية سلمان زين الدين

لعلّ الرواية هي النوع الأدبي الأكثر مقروئيّة في هذه اللحظة من تاريخ العالم، يُقبِل عليها القرّاء من كلّ حدبٍ وصوب، وتُحقّق النّسب الأعلى في مبيعات الكتب، وتُخصَّصُ لها الجوائز العالمية، وتُعطيها جائزة نوبل للآداب الأولوية دون سائر الأنواع الأدبية. ونحن، في العالم العربي، لا نشذُّ عن هذا التوصيف، فبعد أن كان الشعر ديوان العرب لقرونٍ خلت، بتنا نسمع من يُولي الرواية هذا الشرف، ونرى من يبشّر بزمن الرواية وينظّر له. ولعلّ السبب في ذلك يعود، في المضمون، إلى التصاق هذا النوع بحياة الناس اليومية، واهتمامه بشؤونهم وشجونهم. ويعود، في الشكل، إلى أنّ النفس الإنسانية ميّالةٌ بالفطرة إلى الحكاية، فنحن منذ الطفولة تغوينا حكايات الجدّات، وكم أخلدنا إلى النوم صغارًا على وقع إيقاعاتها الجميلة.

العملاق الهارب... محمد الماغوط ثائر شروف

٭ أريد فقط، وللحظة واحدة أن أداعبَ الزَّبدَ الأبيض بعقالي وأنا مبحرٌ إلى مكانٍ ما تحت مطر حزين... حزين أن أرى بلادي الجائعة تبتعد عني زهرة زهرة وشجرة شجرة أن أرى الفقر والوطنية والمساواة من نوافذ السفن ٭ - هل ترحل؟ - ولماذا؟... هل لأعود في أواخر العمر على عكازين وسخين وأتمرَّغ على أول رصيف يلوح لي من الوطن!؟ أم لأعود لابسًا قبّعةً من القش لا سأظل متكئًا على ريشتي حتى الشيخوخة متكئًا على مرفقي حتى يسيل اللحم على الخشب

الصّوت السوداني الأوّل جلال النضال الوطني وعنفوان النشيد عصمت معتصم البشير بانقا

الثورة ليست حلمًا ولا فكرة، بل هي كائن انفعالي له وجود حقيقي وتوارث جيني متناسل، ذات وجه واحد، تبدأ من نطفة إلى علَقَة، متغذيّة بالأحداث، فتكون مضغةً لتتخلّق رويدًا رويدًا حتى تكتمل وتخرُج للعلن، ومتى ما شبت واستعرت في النفوس سلكت مسالكها نحو غاياتها المرجوة، لا تبغي غير الظّفَر، وإن خبت جذوتها خلسة، فهي حتمًا لا تموت، وإنما تذكيها أصوات الجماهير والشعارات القوية الصادقة، لكونها الشرايين النابضة في أجزاء جسدها، والحالة السودانية في الثورات الثلاث مثالًا.