العدد (709) - اصدار (12-2017)
لا أظنُّ أن منصباً شغلته في الحياة العامة ترك في نفسي من عمق الأثر وفرحة الإنجاز على السواء مثلما تركتها سنوات عملي الطويلة في المجلس الأعلى للثقافة. وقد بدأ الأمر بدعوة من فاروق حسني، وزير الثقافة في ذلك الوقت، لمقابلتي. ولم أكنْ أعرفُ الرجل قبل ذلك، فيما عدا أنني رأيته مرة عابرة في باريس، حين كان يشغل منصب مدير المركز الثقافي في باريس.
لا ذَنْبَ للأحجارِ... إنْ جَرَحَتْ خُطاكْ أنْتَ الَّذي تَختارُ درباً ليسَ يصْلُحُ للمسيرْ أخطأتَ حينَ فَتَحْتَ نافذةً لأُخرى لا تُريدُ سِوى انهزامِكَ...
نشأ المدح في الأدب العربي مع البدايات الأولى للقصيدة، شعراً ورجزاً، وارتبط هذا الغرض بمظاهر إعجاب الشاعر بالمواقف الإنسانية النبيلة التي تمثل النموذج المثالي في السلوك الفردي والجماعي في القبيلة، في مظاهر الكرم والجود، أو في الشجاعة والإقدام وإغاثة الملهوف وحماية المستضعفين، أو في الحكم الدالة على نضج العقل وسلامة التفكير، أو في الحلم والتسامح والعفو الذي يحقق للقبيلة السلم والأمان.
شكّل رحيل الشاعر الغنائي حسين بازرعة في يونيو 2017 فاجعة كبرى في الأوساط السودانية، فهو أهم وأبرز حملة لواء تجديد القصيدة الغنائية في السودان، وغنيٌ عن البيان أن الناس عرفوا إبداعه وعبقريته في تبنيه أسلوباً يحفر في العمق الوجداني بلغة فصيحة ورؤية متفردة، وخطاب شعري جديد بالغ الشفافية، وشديد التأثير على مر الأجيال.
يهتم علماء عنف اللغةِ بالتضاد، إذ إن لكلّ كلمةٍ ضدّها، وكما في الحياة لين ففيها قسوة، والاثنان يسيران في خطينِ متوازيين لا يلتقيان، ولكن ينظر أحدهما إلى الآخر بحذرٍ، كما تنظر الحياة إلى الموت، وينظر النور إلى الظلام. أجمعت جلّ القواميس العربية على تعريف العنف في ألفاظٍ وجملٍ لا تخرج عن ميدانِها الرحبِ مواكبه الماضية قدماً في دهاليز الأبجدية.
البدل السوداء المستقرة على مقاعد فخمة في مواجهته، تذكّره برواية «القضية» لكافكا، أمام كل بدلة سوداء يستقر ملف أحمر، فوق مائدة رمادية، أصابعهم مقلّمة الأظفار بعناية فائقة، تتشابك فوق الملفات في نظام دقيق، لفتت انتباهه بشدة وجوههم البيضاء الشمعية، منع نفسه من مغادرة كرسيه متجهاً إليهم، ليلامس هذا الشمع الأبيض، كلهم في بداية الكهولة باستثناء البدلة التي تتوسطهم، فهي تفوقهم كهولية.
فياض خميس (1930 - 1988) شاعر وفنان تشكيلي وإعلامي ودبلوماسي كوبي. ولد في قرية نائية شمال المكسيك لأب مهاجر لبناني وأم مكسيكية. وصل إلى كوبا وهو بعمر ست سنوات مع العائلة التي كانت تتعقب لقمة الخبز بين الضِياع والبلدات الريفية وراء عربة الأب البائع الجوال. وإلى كوبا ينتمي خميس بتكوينه الوجداني والثقافي، أما صلته مع مسقط رأسه المكسيك فهي - على حد تعبيره - ذاتها التي تجمعه مع أي بلد من قارة أمريكا اللاتينية.