العدد (562) - اصدار (9-2005)
وَسَّطْتُ الدّرهمَ فوقَ الكفِّ اليسرى ونفختُ عليهِ ووضعتُ عليهِ الكفَّ الأُخرى قلتُ لها: قولي (بخبوخ) قالت: (بحبوح) ففتحتُ الكفين..
كانت رواية الطيب صالح (موسم الهجرة إلى الشمال) الرواية الأولى التي قرأتها له, والتي جعلت اسمه على كل لسان, خصوصًا بعد أن طبعت في كتاب للمرة الأولى سنة 1967, ومنذ ذلك الوقت, والرواية لاتزال تحدث استجابات نقدية, لا نهاية لها فيما يبدو. كتب الطيب صالح روايته (عرس الزين) قبل (موسم الهجرة) بأعوام قليلة - سنة 1962 - ولكن الرواية لم تلفت الانتباه إليها, وكان عليها أن تنتظر إلى أن تصدر (موسم الهجرة إلى الشمال) وتقيم الدنيا ولا تقعدها, وتستقطب الانتباه إلى صاحبها الذي نعته البعض بأنه (عبقري الرواية العربية الحديثة)
أشْعَلْتِ فيَّ أَرَقِي وَنَشِبَتْ طَيَّ عظامي نازعاتُ القلقِ وارتحلتْ في كل نبضٍ, نبضةٌ من شَفَق تألقي, تدللي, وفي قِفَارى رَقْرِقي ليس الذي في شاطئٍ, مثلَ الذي في غَرَق
في العام 1958, بدأت ملامح الوجه العروبي الثقافي للكويت تأخذ شكلا جديدا, حين شهدت البلاد - حتى قبيل إعلان استقلالها بسنوات - أهم حدثين ثقافيين عربيين آنذاك; الاجتماع الأول لاتحاد الأدباء العرب, وصدور مجلة (العربي), صوتا عربيا للثقافة, التي لا تعترف بجغرافيا الحدود السياسية في الجسد العربي الواحد. وعبر 47 عامًا تغيرت على خريطة الثقافة العربية مواقع كثيرة, رسمتها أكثر من ريشة, وتدخل بها أكثر من قلم
يبدو أنني تعودت على الحلم الذي يحاصرني منذ فترة لدرجة الإدمان, فتاة جميلة تضحك لي وتلوح من بعيد وسط زحام غامض, لا أرى سواها حين تبتسم فتختصر الأحداث كلها في عينيها وابتسامتها المشرقة, أشعر وكأنها (حبيبتي) وإن كنت لم أرها من قبل سوى في هذا الحلم, لم أستطع أن أميز من ملامحها سوى أنها أجمل من أجمل شيء لم يخلق بعد! تقول داليا (الوغدة) عندما أتحدث معها عن هذا الحلم: (تغطَّ جيدا)
بالمصادفة اكتشفت أن (دون كيشوت) يقف في وسط ميدان (إسبانيا), مختفيًا خلف نصب تذكارية أخرى, كان هذا الميدان الواقع في شمال العاصمة (مدريد) مزدحمًا كالعادة, تحيط به البنايات الضخمة, ولا أدري لماذا أخذ هذا الميدان وحده اسم المملكة الإسبانية كلها, كانت فيه أقدم وأعلى بنايتين في العاصمة, يعود بناؤهما إلى الخمسينيات من القرن الماضي, كنت أسعى للحديقة المستديرة في منتصفه حيث توجد محطة للحافلات التي تطوف العاصمة مصحوبة بترجمة فورية
والمساء الحزينْ والبنسفج إذْ يزدهي ثم لا ينتهي أو يودّع أصحابَهْ أوْ يخونْ والبنايات إذْ أَيْنَعَتْ وَعَلتْ.. وَرَبتْ ثم شقّتْ فضاءاتها في غمام السكونْ
يزهو الأدب الألماني الحديث, منذ ثلاثة قرون على أقل تقدير, بروائع ساحرة من (البالادات), أو القصائد القصصية, التي يتشابك في نسيجها السرد القصصي, والصراع المسرحي, والغناء الشعري, والشعبي الشجيّ. تأثرت هذه القصائد في بداياتها الأولى - عند شعراء مثل بيرجَرْ وجلايم وهولتي - تأثرًا شديدًا بمجموعتين من الأغاني الشعبية الإنجليزية والاسكتلندية, نشرهما مكفرسون وبيرسي في النصف الثاني من القرن الثامن عشر
هذه المرة كان الصيف حارًا فوق العادة, وصار أهل مطرانة مع النهر كزائر يعاود مريضه, والنيل الذي كان بالأمس عاتيًا كاسحًا يتحوّل اليوم إلى ألسنة وجزر رملية صغيرة, وكثبان ترابية تزحف على أطرافه كالمرض الخبيث, والماء يتملّص ويتلوّى خلالها في عناء, ليواصل مسيره البعيد إذا بلغ