العدد (664) - اصدار (3-2014)

سوق السرد.. انتشار الرواية عبر الترجمة ومفاعيله ثائر ديب

تفترض هذه المقالة، مقدّمًا، أن ثمة سوقًا دولية لتبادل المنتجات الثقافية، ومنها الروايات، تقترب كثيرًا في مفهومها من مفهوم السوق الدولية الاقتصادية وعلاقات القوة التي تحكمها، والترجمة بمعناها الواسع، الذي يشير إلى التفاعل الثقافي، هي من بين أبرز الوسائل التي تعمل من خلالها تلك السوق. وما تحاول أن تمتحنه هذه المقالة هو مفهوم زاوية النظر، الذي مفاده أن ظاهرة انتشار الجنس الروائي في أرجاء العالم، تختلف رؤيتها تبعًا لموقع الناظر. فقد رأى غوته عام 1827، وكان يقرأ رواية صينية آنذاك، أن «الأدب القومي لم يعد يعني الكثير هذه الأيام، لقد بدأ عصر الأدب العالمي، وعلى الجميع أن يسهموا في التعجيل بقدومه». وهذا ما رآه أيضًا ماركس وإنجلز عام 1848: «أحادية الجانب وضيق الأفق القوميان يغدوان مستحيلين أكثر فأكثر، ومن الآداب القومية والمحلية الكثيرة ينهض أدب عالمي».

غرناطة المسلمة في شعر «لوركا» الأول د.ناديا ظافر شعبان

كان يروق لفيديريكو غارثيا لوركا أن يعلن أنه من مملكة غرناطة، ليذكر في بعض المرات أنه ولد في الغوطة. والواقع أننا لا نستطيع أن نفصل بين المكانين اللذين ارتبطا بقوة بتاريخ الإسلام، وقد شعر فيديريكو أنه ينتمي إليهما، كما نستنتج لدى قراءة قصائد كثيرة من إنتاجه الشعري الأول: أن واحدا من المكانين هو امتداد للآخر جغرافيا، كما أنهما يشتركان في تاريخ واحد، إذ ارتفعت فوق مآذنهما وطوال 7 قرون رايات الإسلام. وكلا المكانين استبدل في ثلاثينيات القرن الخامس عشر وأواخره تاريخا بتاريخ، وعشاقا بأسياد، وظل يحمي بحنان وسرية، جذورا إسلامية عميقة الغور، ويحمي ذكرى «العرق الأسمر النبيل».

واحـــد اثنـــان لـطـيــفــة بــاقـــا

واحد،‭ ‬اثنان،‭ ‬ثلاثة،‭ ‬أربعة،‭ ‬خمسة،‭ ‬ستة‭.. ‬أصبحت‭ ‬متأكدة‭ ‬من‭ ‬أنني‭ ‬سأموت‭ ‬قريبا،‭ ‬وأنّ‭ ‬تلك‭ ‬النهاية‭ ‬التي‭ ‬طالما‭ ‬توجستها‭ ‬وحاولت‭ ‬تخيّل‭ ‬شكلها‭ ‬و‭ ‬توقيتها،‭ ‬أصبحت‭ ‬وشيكة‭... ‬وشيكة‭ ‬جدا‭: ‬لقد‭ ‬سحبني‭ ‬أبي‭ ‬من‭ ‬يدي‭ ‬في‭ ‬الحلم‭. ‬تعلّمنا‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭ ‬أنّ‭ ‬رؤية‭ ‬أحد‭ ‬المقربين‭ ‬من‭ ‬الموتى‭ ‬في‭ ‬المنام‭ ‬وهو‭ ‬يطلب‭ ‬منا‭ ‬مرافقته‭ ‬يعد‭ ‬فألا‭ ‬سيئا‭... ‬و‭ ‬أنا‭ ‬رأيته‭ ‬في‭ ‬الحلم‭ ‬وكنت‭ ‬أرافقه‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬ما‭... ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬حتّى‭ ‬لأشعر‭ ‬أنني‭ ‬أرافقه،‭ ‬كنت‭ ‬أحسّ‭ ‬أنني‭ ‬أمشي‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح‭... ‬كمن‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬أتى‭ ‬منه‭. ‬لم‭ ‬أتردد‭ ‬لحظة‭ ‬بل‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬محتاجا‭ ‬ليطلب‭ ‬مني‭ ‬ذلك

النزوع العجائبي ورهانات العمل الواقعي بهاء بن نوار

تستدعي الكتابة الواقعية بما تفترضه من لصوق بمنجزات السائد، وتماه بمقولات اليومي، ومقررات العادي، إشكالا جوهريا ينبع مما يقتضيه النزوع العجائبي من تشكيك في هذه المنجزات، واقتحام لها وسعي دائب نحو اختراقها وتجاوزها، فبعكس الرواية الرومانسية المعتمدة- كأي فرع من فروع الفن الرومانسي - على سلطة الخيال، وشطحات الذات، وميولها الإلحافية نحو التحرر من جميع القوانين، والمواضعات، فإن الرواية الواقعية والفن الواقعي بشكل عام، إنما يستقيان أهميتهما من مدى اتصالهما بالواقع، أي بالمألوف، وبمدى تعبيرهما عنه، واستيعابهما لمختلف إشكالاته، ولا نعني بضرورة التعبير عن تلك الالتباسات اليومية أن يصبح العمل انعكاسا للخارج، أو امرأة بليدة، لا تزيد مهمة الكاتب فيها على نقل ما يراه، وما يسمعه، دون أي محاولة أو جهد صادق للارتفاع بأدواته من مستوى الببغائية، والنقل الحرفي إلى مستوى التحليل والإضافة، أو التحديق في الإشكالات القائمة، وإضافة إشكالات جديدة عليها، غايتها فهم جميع الأسئلة المحدقة بوجودنا، والسعي نحو تلمس طريق الخلاص من قسوة تداعياتها، وأثقالها.

ذكريات سويدية جابر عصفور

أخذت إقامتي في ڤينجرين سنتر Vingerin Center بــــمــديــــنة استكهولم تزداد متعة مع رحيل الشتاء ومقدم الربيع، بل أخذ جمال المبنى نفسه في الظهور، وخصوصا بين الورد والأشجار التي تحيط به، وحمام السباحة المستطيل الذي كان يواجه غرفة مكتبي، محاطا بالزهور متعددة الألوان والأشكال. وتعلمت عادة أن أجلس في مواجهة هذا الجمال الباذخ في الأيام التي أخلو فيها من التدريس؛ فأواصل العمل منذ الصباح، إلى أن أشعر بالجوع، فأتزود بما يشبعني كي أعاود العمل في كتابي عن طه حسين. وقد عثرت في مكتبات استكهولم على كتاب بيير كاكيا عن طه حسين باللغة الإنجليزية، فأفدت منه بعض المعلومات التي كانت تنقصني. أما الكتاب نفسه فلم يكن فيه كبير غناء من النواحي المنهجية الجديدة التي جذبتني إليها. وكنت إذا مللت من العمل في كتابي تركته لأقرأ في ما أخذت أعرفه عن الأدب السويدي.

اللغة العربية في المجتمع التركي بين القديم والحديث الصعوبات والتحديات د. أحمد الصغير

تُعَدُّ اللغة الْعَرَبِيَّةُ في الجمهورية التركية من اللغاتِ التي لها جمهورُها الخاص في تلقيها، فقد بلغت نسبة معتنقي الإسلام في تركيا قرابة الـ 98 في المائة من السكان، تعتنق الغالبية منهم المذهب السني الذين يسكنون الأناضول، أما بعض الأكراد في جنوبي شرق تركيا فيعتنقون المذهب الشيعي، وهم قلة في بعض المدن التركية، ولا ينص الدستور التركي على دين رسمي للدولة التركية، بل يكفل حرية المعتقد والدين للمواطنين الأتراك وغيرهم الذين يعيشون على أراضيها على النحو الذي يرغبونه دون إكراه أو إلزام.

المعتمد بن عبّاد محمد الغزي

‮«‬وقُل‭ ‬لي‭ ‬مَجَازًا‭ ‬إنْ‭ ‬عدمْتَ‭ ‬حقيقةً‮»‬ ‭(‬أبوبكر‭ ‬الداني‭ ‬من‭ ‬قصيدة‭ ‬في‭ ‬مدح‭ ‬المعتمد‭) .. ‬وهكذا‭ ‬انتزع‭ ‬المعتمد‭ ‬بن‭ ‬عباد‭ ‬وآله‭ ‬من‭ ‬قصر‭ ‬إشبيلية‭ ‬المنيف،‭ ‬وأخذوا‭ ‬جميعًا‭ ‬إلى‭ ‬السفن‭ ‬التي‭ ‬أعدّت‭ ‬لهم‭ ‬لنقلهم‭ ‬إلى‭ ‬المنفى،‭ ‬وسارت‭ ‬السفن‭ ‬في‭ ‬الوادي‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬العدوة‭ ‬تحيق‭ ‬به‭ ‬وجميع‭ ‬آله‭ ‬أغلال‭ ‬الاعتقال‭.. ‬وأخيرًا‭ ‬صدر‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬يوسف‭ ‬بن‭ ‬تاشفين‭ ‬بتسييرهم‭ ‬جميعًا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أغمات‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬مدينة‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬جبال‭ ‬الأطلس‭ ‬‮«‬تاريخ‭ ‬ملوك‭ ‬الطوائف‮»‬‭.‬

الــــثـــور علي سيف الرواحي

تحولت‭ ‬نظرة‭ ‬توم‭ ‬يوركفيلد‭ ‬نحو‭ ‬أخيه‭ ‬غير‭ ‬الشقيق‭ ‬لورنس‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬كسول‭ ‬بالفطرة‭ ‬إلى‭ ‬شعور‭ ‬متسامح‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬اللامبالاة‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لدى‭ ‬توم‭ ‬سبب‭ ‬ملموس‭ ‬لكي‭ ‬يكرهه،‭ ‬فـ‭ ‬‮«‬لورنس‮»‬‭ ‬مجرد‭ ‬شخص‭ ‬تربطه‭ ‬به‭ ‬صلة‭ ‬قرابة‭ ‬ليس‭ ‬إلا،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬تجمع‭ ‬بينهما‭ ‬أي‭ ‬ميول‭ ‬أو‭ ‬اهتمامات‭ ‬مشتركة،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هنالك‭ ‬مناسبة‭ ‬لكي‭ ‬يفتعل‭ ‬توم‭ ‬شجارا‭ ‬معه،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتوق‭ ‬له‭ ‬بشدة‭. ‬وكان‭ ‬لورنس‭ ‬قد‭ ‬غادر‭ ‬المزرعة‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكرة،‭ ‬معتمدا‭ ‬لفترة‭ ‬على‭ ‬مبلغ‭ ‬من‭ ‬المال‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬تركته‭ ‬له‭ ‬أمه،‭ ‬ممتهنا‭ ‬الرسم‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يُدر‭ ‬عليه‭ ‬الشيء‭ ‬الكافي‭ ‬لكي‭ ‬يضمن‭ ‬له‭ ‬عيشة‭ ‬كريمة‭.‬

المستشرقون في الجزيرة العربية د. عمرو عبدالعزيز منير

لا يعني مصطلح «المؤسسة الاستشراقية» بالضرورة مؤسسة استعمارية عبر تفريغها من مضمونها العلمي والمعرفي والحضاري، فقبول المؤسسة بوصفها عملا بشريًا (له ما له وعليه ما عليه) يبدو مقبولا إلى حد كبير مقابل الرفض المطلق للمؤسسة؛ بوصفها مجالا لم يكن العلم فيه غير وسيلة غير قادرة إلا على رؤية أهدافها الاستعمارية؛ «فالحقيقة التي يجب ألا ننساها دائما، أن بعض هؤلاء المستشرقين قدموا لنا التراث العربي، في قراءة نقدية تشهد على طول باعهم في ما قدموا وما أثمرت تلك القراءات، فلا أحد ينكر «دي خويه» وما قدمه للمكتبة الجغرافية العربية، ولا ينكر جهود «ميللر» و«بروكلمان» و«آسين بلاثيوس» و«نيكلسون»؛ بل إن بعضهم من اليهود أمثال «فالزر» و«إروين روزنتال» و«باول كراوس».