العدد (513) - اصدار (8-2001)
سمعتُ الأذانَ, وكان مُحَلَّى بسُكَّرة الفطر، حَلّتْ فَحلاّ
هل صحيح ينام الجميع هنا فوق أكفانهم, هل صحيح يغطّون أوجههم بالمزامير والجوع, هل يملكون سوى سلّة يحشرون بها ما تساقط من أمسيات, يزيلون صوت البكاء من الريح, حين تنام على وجهها الأغنيات, يشقّونها, ويخيطون أرجلها في الرذاذ الخفيف, ويلتفتون معاً في الصباح إلى الخلف, لمّا تهب عليهم رياح الخمّاسين, يبتسمون جميعاً, ويقتسمون الهواء. هل صحيح ينام الربيع, بعيداً عن البيت, إن نام أحبابنا في مكان بعيد, ويخفض أكتافه الماء, إن سقطت دمعة فوقه
على عادته كل صباح, استيقظ مبكّراً بسبب الضجة والأصوات التي تأتيه من الطابق العلوي, لكن بوادر غضبه تبددت بسرعة, وسرى في أوصاله إحساس بالراحة عندما تناهى إليه صوت بوق سيارة تستحث سكان الطابق العلوي على النزول. يعيش وحيداً مع كتبه وأوراقه, يعشق الهدوء والصمت النديّ وكثيراً ما جافاه النوم أو ألقى كتابه بنزق مع تصاعد الضجيج, وهرع إلى باحة المنزل صارخاً بهم ليخففوا من غيّهم, مطلقاً اللعنات على هذا البيت المسكون بالعفاريت..!
مبحرٌ في همومه سندبادا أفلتَ البحرُ من يديه وعادا
كيف لم أنْتبِهْ لخُطاها التي... وَهْيَ تعبرُ في خفّةِ الريشِ إيوانَ قلبيِ
سنة تسع عشرة وتسعمائة وألف, كنت موظفا شابا في شركة النيجر, في يومورو. وأن تكون موظفا في ذلك الوقت, مثل كونك وزيرا هذه الأيام, حيث مرتبي يصل إلى جنيهين وعشرة شلنات. قد تضحك لذلك ولكن هذا المبلغ يعادل خمسين جنيها اليوم, فمثلا كان باستطاعتك شراء عنز ضخمة بأربعة شلنات, وأتذكر أن أعلى الموظفين الأفارقة رتبة رجل أصله من سارو, يصل راتبه إلى عشرة جنيهات وثلاثة عشر شلنا وثلاثة بنسات. كان يبدو في أعيننا وكأنه حاكم عام