العدد (725) - اصدار (4-2019)

عن بلاغة المقموعين جابر عصفور

في مطلع التسعينيات، وحين كنتُ أقوم بتدريس مادتَي النقد والبلاغة، في قسم اللغة العربية، لَفَت انتباهي أن بعض القدماء يُعرِّف «البلاغة» بأنها الصمت. وهو تعريفٌ أوقفني عنده طويلًا، فقد تعوَّدتُ أن «البلاغة» يمكن أن تكون في الإطناب أو الإيجاز، أو حتى في الاهتمام بالتفاصيل هنا أو هناك، ولكن أن تكون «البلاغة» في الصمت فحسب، فإن العلاقة دالّة ولافتة لِمَن كان مثلي في ذلك الوقت، خصوصًا بعد أن قرأتُ بيتين لأبي نواس يقول فيهما: مُت بِداءِ الصَمتِ خَيرٌ لَكَ مِن داءِ الكَلامِ إِنَّما السَّالِمُ مَن أَلـ جَمَ فاهُ بِلِجامِ وهما بيتان يفتحان في ذهني آفاقًا أخرى للصمت.

غِربال‭ عزت الطيري

يغربلُ‭ ‬في‭ ‬الريح غِربالهُ روحهُ يتبقَّى‭ ‬على‭ ‬وجهِ‭ ‬سجَّادةِ‭ ‬العُشبِ

قراءة في تجربة «إلياس أبوشبكة الشعريَّة» ورؤاه عبد المجيد زراقط

تهدف هذه المقالة إلى التعريف بتجربة إلياس أبو شبكة الشعريَّة التي خلُصت إلى بلورة رؤى لقضيتين مركزيتين؛ أولاهما الحياة وقضاياها، وثانيتهما الشّعر وقضاياه. أصدر أبو شبكة ديوانه الشهير «أفاعي الفردوس» في عام 1938، فأحدث جدلا في الأوساط الثقافية، إن من حيث النُّصوص الشعرية التي تصوّر حالات نفسيَّة تتمثَّل في التمرُّد والتوتر والقلق، وإن من حيث الآراء التي تضمَّنتها مقدّمته، التي وضع فيها أسس رؤيته الرومانسيَّة، ووجد النُّقاد آنذاك قرابة بين ديوانه هذا وديوان «أزهار الشر» لبودلير، و«ليالي» موسيه.

حوارٌ حولَ الشِّعر عمر شلبي

ما هو الشعر، ومتى وُجِدَ، وهل هو موجود قبل الفلسفة؟ وهل يموت؟ ولماذا نحبه؟ وهل الشعر ترفٌ أم التزام بقضايا الإنسان الكبرى، الحب والحلم والحرية؟ ولماذا هاجم الدين الشعرَ وقَبِلَهُ في آن؟ أسئلة كثيرة يمكن طرحها عن ماهيّةِ هذا الكائن الكوْني الذي نسمّيه شعرًا. وما معنى أن يُنسَبَ شعرٌ لآدمَ في رثاء ابنه القتيل، بصرف النظر عن صحة هذا الكلام أو عدم صحته؟

جاذبية الرواية سعيد بنسعيد العلوي

يتساءل أحد الباحثين العرب المرموقين عن أسباب الجاذبية السحرية لفنّ الرواية، ثم يمضي بعيدًا، فيقول إن الرواية قد غدت، بمفردها، تعبيرًا عن ماهية الأدب. ولا يتوقف باحثنا الكبير عند هذا التقرير، وإنما يذهب أبعد من ذلك فيقول إن الرواية قد استطاعت أن تكون استيعابًا لأجناس أدبية هي اليوم «آيلة للانقراض». لا أملك الصفة التي تجيز لي أن أخوض في هذا الحكم الصادر من سلطة جامعية مجال نظرها الأدب وأجناسه ومناهجه ومكوناته. لا أملكُ أن أقبل هذا الحكم، كما ليس لي أن أعترض عليه، بيد أنّي أملك أن أُسلم القياد لوجداني، فأقول في هذه «الجاذبية السحرية لفن الرواية» كما ألمسها، أو بالأحرى، كما أتوهم ذلك.

ديوان «النازلون على الريح» نموذجًا المطابقة في شعر محمد علي شمس الدين د. حسن نور الدين

تُعتبر المطابقة أو الطباقُ إحدى وسائل الشاعر الكبير د. محمد علي شمس الدين الأساسية في إنتاج قصائده، فهو يعوّل على هذا الأمر كثيرًا، معتبرًا المطابقة إحدى وسائل التعبير الموحية، وقلّما غفل عنها في أيٍ من قصائده، فهي إحدى الوسائل الحيّة التي تؤدي دورها في جمالية النص الشعري، إلى جانب الأدوات الأخرى. ومن ملاحظات علماء البلاغة واللغة اعتبارهم المقابلة أو المطابقة أن تأتي بكلمة أو أكثر، ثم تأتي بما يقابلُ ذلك في المعنى.

مي منسّى روائيّة الوجع الإنساني سلمان زين الدين

في العشرين من يوليو عام 1939 أبصرَتْ النور الروائية اللبنانية مي منسّى في بيروت، وفي التاسع عشر من يناير 2019 أغمضَتْ عينيها عن ثمانين عامًا، هي حياتها الحافلة بالوجع والإبداع، على ما بين الاثنين من علاقة شبه عضوية، مارسَتْ فيها حضورها الإبداعي في عدد من الحقول المعرفية، وكانت لها بصمتها المتفرّدة في كلّ حقل، بدءًا من الإعلام، مرورًا بالنقد الأدبي والفني، وصولاً إلى الرواية، على أن حضورها في هذا الحقل الأخير هو الأكثر سطوعاً والأبقى.

أضواء على أرومة الأدب العربي القديم في الجزائر د. ابراهيم نويري

مع بداية اندياح الإسلام خارج أرجاء الجزيرة العربية، وانسياب حركته شرقًا وغربًا، تحوّل الكثير من المفاهيم وتغيّر العديد من الأفكار والمصطلحات؛ فقد اقترن الحديث عن تاريخ الأدب العربي، بأرض الجزيرة العربية، وبالعرب المستعربة تحديدًا، الذين وصلنا كلامُهم وأدبُهم، أما العرب العاربة، فلم يذكر لنا التاريخ شيئًا عن أدبهم، ولو لا الشّذَرَات القليلة التي وردتْ عنهم في القرآن الكريم، ربما لم نكن لنعلم عنهم شيئًا إذا استثنينا الآثار المادية بطبيعة الحال.