العدد (720) - اصدار (11-2018)

توحُّد المتنبي د. جابر عصفور

من أحب القصائد التي لا أنساها للمتنبي قصيدته في رثاء جدته لأمه، وكانت قد يئست منه لطول غيبته، فكتب إليها كتابا، فلما وصلها قبلته وفرحت به، وحُمت من وقتها، لما غلب عليها من السرور. فوصله ذلك، فكتب فيها قصيدته الخالدة: ألا لا أُري الأحداثَ حمدًا ولا ذَمّا فَما بَطشُها جَهلًا ولا كفُّها حِلمَا

سُلالةُ البيد حسن المطروشي

بُلِينا بالحنينِ لهذه البيداءِ، مَشّاؤونَ للنارِ البعيدةِ في القُرى، ها إنَّنا والركبُ يا لَيْلى، تَهَيَّأْنا بِزادٍ مِنْ طويلِ الصبرِ، ما يَكْفي لِخَلَّةِ عابِرِي ليلٍ قصيرٍ، واتَّخَذْنا مِنْ مَراثينا رِماحًا، واتَّخَذْنا مِنْ مدائحِنا عِتاقَ الخيلْ

كان من رواده نجيب محفوظ مقهى أحمد عرابي... فتوة الحسينية فوزي تاج الدين محمد

عالم الفتوات له مذاق خاص، جذب الأديب المصري نجيب محفوظ، فعاش بينهم، بل وجلس في بعض المقاهي التي تخصهم، وأشهرها مقهى أحمد عرابي، فتوة الحسينية، في فترة الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي، حينما كان يسكن محفوظ على مقربة من هذا الحي. وأمتعنا برواياته: أولاد حارتنا، الحرافيش، الشيطان يعظ، النبوت، وفي فترة الثمانينيات تحول بعضها إلى أفلام شهدت نجاحًا جماهيريًا منقطع النظير.

فاروق شوشة ناقدًا للجمال محمد الجوادي

لا تكتمل دراسة تاريخ الأدب العربي المعاصر من دون الإلمام بإسهامات الشاعر فاروق شوشة المتميزة في تقديم وتقييم الشعراء المعاصرين، فقد كان في هذه الكتابات التي اقتنصها منه الزمن الصحفي الصاخب ناقدًا ومؤصلا للجمال في الشاعرية والأشعار على حد سواء. كان شوشة قادرًا على أن يموضع (ولا نقول يضع فحسب) كل شاعر في مكانه الصحيح من تاريخ الشعر العــــربي وفي موضعه الأسمــــــى في ديــــوان الشِعر العربي كذلك.

السرد الشذري وتصدع الذات في رواية«قصتي الأخرى» للمزروعي سعيد بوعيطة

تثير مسألة تحليل السرد في الكتابة الروائية الحديثة تساؤلات عديدة، تتصل بطبيعة بناء العمل السردي نفسه. تساؤلات يكرسها الاعتقاد السائد بأن النص السردي الحديث، بانتهاكه لحدود الأجناس الأدبية وتقويضها لمفهوم الحبكة، قد استغنى تمامًا عن البنية أو البناء العام للنص. وعلى الرغم من كون هذا البناء ضروريا، فإنه ليس معطى جاهزًا. فإذا كانت حدود التركيب النحوي، والمعجم، وطرائق التفكير وضرورات التواصل تتضمن مبدأ البنية، فإن المتلقي هو الذي يعيد تشكيل بنية النص السردي من خلال منظوره الخاص.

هاليداي رائد الدراسات اللغوية الحديثة د. مصطفى أحمد قنبر

فقدت الأوساط العلمية واللغوية، أخيرًا، رائدًا مبرزًا من رواد الدراسات اللغوية الحديثة، وأحد أعلام مدرسة لندن الشهيرة في علم اللغة، إنه البروفيسور مايكل ألكسندر كير كوود هاليداي، المعروف اختصارًا بـ M.A.K. Halliday عن عمر يناهز التسعين عامًا، وقد وافته المنية في 15 أبريل 2018م، بعد أن أثرى المكتبة اللغوية بعدد من المؤلفات التي تمثّل مراجع أساسية في البحوث والدراسات اللغوية.

تلابُس القصائد الشعرية مصطفى الجوزو

لقد كانت الرواية الشفهية سببًا من أسباب تلابس القصائد الجاهلية والإسلامية بعضها ببعض، ولذلك شك الباحثون في كثير منها، حتى إننا لنجد أبياتًا مشتركة بين الشعراء يستعبد أن يكون اشتراكها مجرد توارد أفكار، مثل هذا البيت المشهور لامرئ القيس في معلقته: وُقوفًا بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهمْ يقولونِ لا تَهلِكْ أسىً وتَجَمَّلِ وهو نفسه منسوب إلى طَرَفة بن العَبْد في معلقته أيضًا، لكن بلفظ «تَجَلَّدِ» بدلا من تجمّلِ، لأن معلقته داليّة، كما هو معروف. ومثل ذلك هذا البيت المنسوب إلى النابغة الذبيانيّ: لوْ أَنَّها عَرَضَتْ لأَشْمطَ راهبٍ عبَدَ الإله صَرورةً مُتعبِّدِ وهو نفسه منسوب إلى رَبيعة بن مَقْروم، لكن بلفظ «مُتبتِّلِ» بدلا من متعبِّد، لكي يوافق القافية اللامية. ولئن كنا ندرك أسباب ذلك في زمن المشافهة، فإنه لا بد من أن يستوقفنا في أزمنة التدوين، ولاسيما في العصور العباسية وما تلاها.