ملتقيات العربي

ندوة المجلات الثقافية ودورها في الإصلاح الثقافي

الكتابة العلمية للأطفال

الكتابة العلمية للأطفال: كيفية المساهمة فى خلق أجيال تهتم بالعلم والتكنولوجيا
د. زينب شحاتة مهران

         يبدأ كل انسان منا حياته وكأنه واحد من العلماء، فتكمن فى داخل كل طفل مشاعر وأحاسيس العالم التى تجعله يتعجب ويندهش إزاء الاشياء من حوله فى الطبيعة (العالم الفلكى الأمريكي كارل ساجان). وما أجمل أن يظل هذا الإحساس بالدهشة والتعجب والروعة إزاء الظواهر من حولنا يستمر وينبض فى كل مرحلة من مراحل حياة الانسان. وهذا هو ما يجب أن تركز عليه العملية التعليمية خلال مراحل نمو الانسان من الطفولة حتى نهاية الحياة.

         وفى محاولات الانسان الاولى للحصول على الاجابات والتفسيرات كان مولد العلم، واستمرت تلك المحاولات البشرية عبر العصور وتراكمت حتى نما العلم الوليد.

         وكلنا نعلم أن النظم التقليدية لتدريس وتعليم العلم قد اثبتت فشلها. وأصبح الحديث الآن عن تطبيق معايير جديدة للتربية العلمية. فهذه المعايير لا تركز فقط على المفاهيم العلمية الرئيسية، وانما تركز بنفس القدر من الاهمية على (الكيفية التى يتعلم بها الطلاب العلوم فى المدارس). فالطلاب بحاجة إلى:
(1) أن يتعلموا كيفية التساؤل عن الظواهر الطبيعية من حولهم وكيفية صياغة اسئلتهم بالطريقة السليمة.
(2) أن يتعلموا كيفية الوصول إلى أفكار يشرحون بها الظواهر من حولهم.
(3) أن يتعلموا اختبار الأفكار التي تشرح الظواهر الطبيعية فى ظل المعرفة العلمية الجارية.
(4) أن يكتسبوا القدرة على توصيل افكارهم للآخرين من حولهم..

         الكتابة العلمية المبسطة هى نشاط يقوم به متخصصون فى العلوم من اجل تقديم العلم والمفاهيم العلمية، والانجازات العلمية للعامة من الناس. وتشمل الكتابة العلمية مؤلفات يكتبها المتخصص أو تراجم علمية يترجمها.

         ونذكر في هذا الصدد الاستاذ الدكتور القدير احمد مستجير الذى قدم عشرات التراجم والمؤلفات التى ركزت على تبسيط العلوم وتوضيح ماهية العلم، وفى العالم الغربى نذكر العالم كارل ساجان والعالم ديفيد ادنبرة والعالم جاكوب برونوسكى وغيرهم. وتهدف الكتابة العلمية الموجهة للعامة الى نشر المفاهيم العلمية بين العامة من أجل خلق مجتمع مثقف علميا.

الصفات التى يجب ان يتحلى بها الكاتب العلمى المتخصص: فى الكتابة للأطفال

         أول هذه الصفات هى أن يكون الكاتب العلمى فاهمًا للعلم. ويتطلب فهم العلم وطبيعته أن يكون الكاتب دارسا للعلم سواء عن طريق الدراسة الأكاديمية أو عن طريق الدراسة والقراءة الحرة الذى تنبع من رغبة وحب لطلب المعرفة.

         ولفهم طبيعة العلم يجب التركيز على:

         (1) نظرة العلماء للعالم من حولهم وعلى

         (2) البحث العلمى كمحورين اساسيين لفهم طبيعة العلم.

         فيما يتعلق بنظرة العلماء للعالم من حولهم، نجد انهم يشتركون فى عدة معتقدات اساسية تختص بحدود قدراتهم فى فهم ودراسة الكون وهى كالتالى:

         (1) العالم قابل للفهم. فالعلم يفترض ان الاشياء والاحداث التى تدور فى الكون من حولنا تحدث بأنماط متسقة ومتناغمة مع بعضها ويمكن ادراكها وفهمها بواسطة منهج دراسى نظامى ودقيق.

         (2) المعرفة العلمية قابلة للتغيير والتطوير.

         (3) المعرفة العلمية عبارة عن كيان متصل من الافكار المترابطة مع بعضها

         (4) العلم لا يستطيع ان يقدم اجابات لكل الاسئلة.

         فأهم ما يميز كل الدراسات العلمية هو قيامها وفقا لاسلوب وطريقة التساؤل والبحث العلمى.

         من الواضح أن هناك قصورًا في فهم العلم وطبيعته، مما أدى إلى خوف وأحيانا كراهية للعلم والعلوم. فكلنا نعلم جيدا النغمة التي تسود في كثير من الأحيان عند أطفالنا وشبابنا في العالم العربي: (أنا لا أحب العلوم)، (العلوم مادة صعبة)، (العلوم مادة مملة). وبلاشك، فهنا يكمن كل الخطر الذي يهدد مستقبل أمتنا العربية. ولهذا كان من الضروري أن يكون من أهم أهداف وخصائص الكتابة العلمية هو أن تدعو ليس فقط إلى فهم العلوم بل أيضا إلى حب العلم، وذلك لأن العلم ما هو إلا وسيلة الإنسان لفهم الكون والجمال الكامن في هذا الكون العظيم.